ملخص المقال
للعيد ألوان عدة، كلها ألوان زاهية وجميلة، ولكن هناك لون واحد قاتم لا يعرفه إلا أصحاب القلوب الكسيرة، فأين نحن من هؤلاء في أيام العيد؟
للعيد ألوان عدة، كلها ألوان زاهية وجميلة، ويجمعها شعورٌ واحد، شعورُ الفرحة والحبور. ولكن هناك لون واحد قاتم لا يعرفه إلا أصحابُ القلوب الكسيرة الحزينة المليئة بالآلام؛ آلام الظلم والقهر والفقر واليتم والمصائب والنكبات و...، فأين نحن من هؤلاء في أيام العيد؟! فنحن وقد أنعم الله علينا بنعمة الإسلام، لم نعد أفرادًا مبعثرين، بل أصبحنا أمة لها كيانها ولها نظامها ولها منهجها الذي يشمل أمور الدنيا وأمور الآخرة، وشئون القلب وشئون العلاقات الاجتماعية، ولا انفصال فيه للشعائر التعبدية عن المشاعر القلبية.
والعيد لا يقف عند حد أكل الحلوى، وشراء الجديد من الثياب، والذهاب والإياب، ولكن للعيد معنى أعمق من هذا كله؛ هو فرحة القلب والروح بهذه الهدية التي أنعم الله بها علينا بعد شهر الصيام، واستشعار القبول لما قدمناه من طاعات وعبادات، وباجتماع قلوب المسلمين في الصلاة والتكبيرات، وبإدخال الفرحة على قلوب إخواننا المسلمين المليئة بالهموم والأحزان.
إن فرحة العيد لتزداد بتفقد حال هؤلاء اليتامى والأرامل والضعفاء والمكروبين، وبإدخال السعادة والسرور على قلوبهم، وقضاء حاجاتهم، بإعطاء المحرومين، ونصر المظلومين، وتنفيس كرب المكروبين، وإطعام الجائعين، وإعانة المنكوبين، فعوائد هذا الإسعاد لا يعرفها إلا من عمرت قلوبهم بالبر والإحسان، فيجدون ثمرته في نفوسهم انشراحًا وانبساطًا وراحة وهدوءًا وسكينة.
أنا لا أريد أن أدخل على قلوبكم البؤس والأسى، ولكنَّ المؤمنين إخوة، وإن لم نستطع مد يد العون لإخواننا المكروبين، فلا أقل من أن نشعر بهم، وندعو الله أن يعيننا على تنفيس كروبهم، فقد قال عليه وآله الصلاة والسلام: "من نفَّس عن مؤمن كُربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..."[1]. ولا بد أن يزداد حرصنا على إسعاد هؤلاء في العيد؛ تطييبًا لقلوبهم وخواطرهم، لما يرون من آثار الفرحة والسعادة، والملابس الزاهية على الأطفال في الشوارع والطرقات، وأطفالهم لا يجدون، وقلوبهم لم تعرف طعم الفرحة من زمن، مع أن منهم من يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله، ولكن هذا لا يعفينا من المسئولية تجاههم، أو التقصير في حقهم.
إن فهم العيد بهذه الصورة يجعل لونه أبهى وأجمل، ويجعل القلوب أنقى وأطهر، والرابطة فيما بينها أقوى وأمتن، وعُرا الأخوة أوثق، وأما إذا انشغل كلٌّ بنفسه وبأهله وعياله، ولم يكترث بمصاب إخوانه، فستضعف شبكة العلاقات، وستمتلئ القلوب بالأحقاد... والله المستعان.
اللهم اجعل عيدنا فرحًا بأعمال قُبلت، وذنوب مُحيت، ودرجات رُفعت، ورقابٍ عُتقت... اللهم آمين، وتقبل الله الطاعات، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: موقع الألوكة.
التعليقات
إرسال تعليقك