التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
لحظات حاسمة في تاريخ الدولة الإخشيدية, منها الصلح الذي عقده الإخشيد مع ابن رائق رغم انتصاره عليه, فما الحروب التي خاضتها الدولة الإخشيدية؟
في سنة 328هـ عقد الإخشيد صلحًا مع ابن رائق على الرغم من انتصار الإخشيد عليه، فقد كان الإخشيد يخشى أن تواصل الخلافة العباسية الحملات عليه، كما كان يخشى خصمًا آخر يهدده من ناحية مصر الغربية وهو الخليفة الفاطمي[1] وكان من الممكن زوال الدولة سريعًا لو لم يعقد الإخشيد هذا الصلح مع ابن رائق.
وقد أوصى محمد الإخشيد بن طغج بالملك من بعده لولديه الصغيرين أنوجور وعلي على أن يتولى كافور الحبشي الوصاية عليهما، وفعلاً حكم كافور مصر اثنين وعشرين عامًا كوصي حتى إذا توفي أنوجور وعلي استبدَّ بالحكم واعترفت الخلافة العباسية به حاكمًا على مصر.
وقد استطاع كافور خلال وصايته أن يحافظ على تماسك الدولة وأن يدافع عنها ضد خطر الحمدانيين في الشمال، والقرامطة الذين أغاروا على جنوبي بلاد الشام، وأمراء النوبة في الجنوب، كما تصدى للزحف العبيدي باتجاه مصر.
ثم حدث أن اضطربت الأوضاع في مصر بعد وفاة كافور في عام 357هـ = 968م بفعل صغر سن خلفه أبو الفوارس أحمد، وعدم وجود شخصية قوية بين رجال البلاط تستطيع ملء الفراغ الذي تركه؛ فأدرك الخليفة العبيدي المعز سوء الحالة السياسية والاقتصادية في مصر فاستغلها واستولى على البلاد في عام 358هـ = 969م[2].
الثورات في الدولة الإخشيدية :
شهد أوائل عهد أنوجور ثورة داخلية فقد خرج والي الأشمونيين المعروف باسم غلبون بعد أن استبد بالأمور في منطقة نفوذه حتى شكا منه التجار، وقد أعدت الحكومة المركزية فرقة من الجند سارت إليه في جمادى الآخرة سنة 335هـ ولكن هذا الثائر دبر كمينًا لهم واستطاع أن يقتل كثيرًا منهم وأفلت قائدهم سادن الإخشيدي بنفسه.
ثم نظمت الحكومة جيشًا لإخضاع غلبون، ولكنه خالف الجيش الإخشيدي في الطريق واستطاع الوصول إلى الفسطاط ودخل دار الإمارة واتفق مع أبي بكر محمد بن أحمد الماذرائي على أن يقوم بتدبير الأمور في البلاد، ولكن الجيش الإخشيدي كر على غلبون في الفسطاط وهزمه وطرده منها، فخرج إلى الشرقية ولحقه الجند الإخشيديون، وكانت بينهما معركة شديدة انتهت بقتل غلبون في ذي الحجة سنة 336هـ[3].
حروب الدولة الإخشيدية :
1- مع الخلافة العباسية :
في سنة 328هـ / 940م غضب الخليفة العباسي الراضي بالله ( 322 - 329هـ ) على الإخشيد، وأرسل محمد بن رائق واليًا على مصر، فسار إلى حمص فدخلها ثم أخذ دمشق والرملة، ثم اتجه إلى عريش مصر فلقيه الإخشيد محمد بن طغج وانتصر على ابن رائق، أراد الإخشيد رغم انتصاره تغليب المصلحة العامة للمسلمين على مصلحته الخاصة مقدرًا ظروف الخلافة العباسية المتدهورة والتهديد المستمر لدولته من جانب الدولة العبيدية، فعقد صلحًا مع ابن رائق على أن تكون الرملة الحدود بين الطرفين.
2- مع الدولة الحمدانية :
وفي سنة 333هـ / 945م قاد سيف الدولة الحمداني حملة عسكرية وسيطر على حلب ودمشق وأخذ يستعد لغزو مصر؛ مما دفع الإخشيد إلى الخروج بنفسه إلى بلاد الشام لوقف التقدم الحمداني.
ونتيجة للاشتباك الذي حدث بين الطرفين في قنسرين هُزم سيف الدولة، ودخل الإخشيد حلب واسترد دمشق، لكنه آثر مجددًا تغليب المصلحة العامة للمسلمين على مصلحته الشخصية، فعقد صلحًا مع سيف الدولة تنازل له بموجبه عن حلب وحمص وأنطاكية، وأن يكون للإخشيد دمشق وما يليها جنوبًا، وأن يدفع لسيف الدولة مبلغًا من المال نظير احتفاظه بدمشق.
فقد أدرك الإخشيد ضرورة وجود قوة إسلامية في شمالي الشام كقوة الحمدانيين للتصدي لغارات البيزنطيين المستمرة على المناطق الإسلامية[4].
ومما يؤكد ذلك أن الدولة الحمدانية كانت القوة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تعمل لها الدولة البيزنطية حسابًا وترهب جانبها، ففي الوقت الذي ازدادت فيه الخلافة العباسية ضعفًا، ازدادت قوة الحمدانيين[5].
ولكن سيف الدولة بن حمدان انتهز وفاة الإخشيد والصراع الداخلي في مصر حول إمارة البلاد فتحرك ودخل دمشق وامتلكها، ويبدو أن سيف الدولة كلف أهل دمشق ما لا يطيقون؛ فكاتبوا كافور يستدعونه لتخليصهم من سيف الدولة، فخرج كافور من مصر بصحبة أنوجور واشتبكا مع سيف الدولة عند اللجون فانهزم سيف الدولة إلى دمشق، ثم تقابلا مرة أخرى عند مرج عذراء قرب دمشق، وانتهى الأمر بهزيمة سيف الدولة وفراره إلى حلب، فتبعه المصريون ودخلوا حلب، ففر سيف الدولة إلى الرقة، ولكن لم يلبث أن انتهى الصراع بين الطرفين بعقد صلح بينهما على نفس الشروط التي عقدت بين الإخشيد وابن حمدان مع إعفاء المصريين من دفع المبلغ السنوي[6].
وحارب كافور حكام النوبة الذين تكررت غاراتهم على أسوان وغيرها من مدن الوجه القبلي وأجبرهم على الطاعة, من ذلك ما حدث سنة 344هـ / 956م حينما أغار ملك النوبة على أسوان ونهب قراها وقتل جمعًا من سكانها؛ فخرج إليه محمد بن عبد الله الخازن -من قبل أنوجور بن الإخشيد- على رأس جيش ضخم استطاع أن يصد النوبيين ويطارد فلولهم حتى وصل مدينة أبريم، وعاد إلى مصر في منتصف جمادى الأولى سنة 345هـ / 957م[7].
[1] د. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام 3 / 145.
[2] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 4 / 2، 18، 24، 25. د. طقوش: تاريخ الدولة العباسية، ص 207، 208.
[3] د. حمدي عبد المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص 94، 95.
[4] محمود شاكر: التاريخ الإسلامي، الدولة العباسية 6 / 130. د. طقوش: تاريخ الدولة العباسية، ص 205 ـ 207. د. حمدي عبد المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص 92.
[5] د. محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص 130.
[6] د. حمدي عبد المنعم: محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية، ص 94.
[7] المقريزي: الخطط 1/ 197. د. محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى الأوضاع السياسية والحضارية، ص132.
التعليقات
إرسال تعليقك