جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
الباحث الموريتاني سيد أحمد ولد باب اتهم المنظمات الغربية باستغلال أوضاع الشعب الموريتاني في مساومته على دينه
الكاتب الموريتاني سيد أحمد ولد باب :
موريتانيا تواجه خطراً تبشيرياً تقوده منظمات غربية
خاص ـ قصة الإسلام
اتهم الكاتب والباحث الموريتاني سيد أحمد ولد باب المنظمات الغربية باستغلال أوضاع الشعب الموريتاني في مساومته على دينه تحت لافتة العمل الخيري، وقال إن تغاضي السلطات الأمنية والإدارية في البلاد وحاجة السكان الماسة لكل أسباب العيش الكريم ينذر بتزايد خطر التبشير والتنصير في البلاد .
وأكد ولد باب أن الإسلاميين في موريتانيا وعلى رأسهم تيار الإخوان المسلمين يمتلكون قوة إدارية وتنظيمية وإعلامية تجعلهم رقما صعبا في الحياة السياسية في موريتانيا ، مشيرا إلى تزايد التدخلات الخارجية بعد الانقلاب 6 أغسطس 2008 ... قادة في الجيش الموريتاني يعلنون الإطاحة بالرئيس المنتخب برئيس البلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله واعتقاله وتشكيل مجلس دولة برئاسة الجنرال محمد ولد عبد العزيز ثم كانت عودة الرئيس المنتخب الذي استقال بعد الانتخابات الرئاسية 27 يونيو 2009، فقد دعمت فرنسا الجيش وساندتها بعض دول الإتحاد الأوربي وذلك لمخاوفها التقليدية من تنامي نفوذ الإسلاميين في المنطقة.
وانتقد الباحث الموريتاني المواقف السلبية للجامعة العربية من أزمة موريتانيا والتي كانت فيها المنظمة الوحيدة في العالم المنحازة إلي الانقلابيين ، مؤكدا تقصير العرب في حق الشعب الموريتاني وتركة فريسة للإضرابات والمؤامرات.
العديد من التساؤلات حول الشأن الموريتاني وأجواء الانتخابات الرئاسية في البلاد كان الحوار مع الكاتب والصحفي الموريتاني سيد أحمد ولد باب ، فإلى التفاصيل .
*ما هي طبيعة الدور الذي يلعبه الجيش في الحياة السياسية في ظل انقلاباته المتكررة والتي تهدد التجربة الديمقراطية في موريتانيا ؟
في بلد من العالم الثالث ضعيف الإمكانيات حديث العهد بالدولة ما من شك أن الجيش يكون فيه هو المحرك الرئيسي للعملية السياسية بوصفه القوة الوحيدة المنظمة والمنضبطة. كما أن الكبت الذي رافق النشأة الأولي للدولة الموريتانية وإجبار النخب السياسية علي الاندماج داخل الحزب الحاكم (حزب الشعب ساعتها) دفع بأغلب القوي السياسية إلي التوجه للمؤسسة العسكرية والأمنية حفاظا علي نشاطها السري في أغلبه وسعيا للانتقام من نظام مدني حكم البلاد بقبضة حديدية وأرهق معارضيه. وبالتالي نشأت في موريتانيا طبقة سياسية قوية بثياب عسكرية حولت الجيش من دوره الطبيعي في حماية البلاد إلي قوة تخدم طموح الساسة وقادة الحركات السرية في موريتانيا. وقد استطاع الجيش فعلا إمساك زمام القرار مع انقلاب 10-7-1978 واستمر في السلطة بإشكال متنوعة ، من حكم عسكري صريح (1978-1984) إلي حكم عسكري هجين (1984-2005) إلي مرحلة انتقالية بمشاركة المدنيين(2005-2007) والآن استعاد دوره بعيد الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس البلاد المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
*الإسلاميون أحد العناصر الفاعلة على الساحة السياسية في موريتانيا .. ما الوزن الحقيقي الذي يمثلونه ؟ وبتقديركم كيف ترون تأثيرهم ؟
حتى الآن لا يمكن الحديث عن رقم محدد أو نسبة بعينها يمكن القول أنها الوزن الحقيقي للتيار الإسلامي في موريتانيا ، لكن من دون شك يمتلك الإسلاميون قوة إدارية وتنظيمية وإعلامية تجعلهم رقما صعبا في الحياة السياسية في موريتانيا. فخلال الفترة القصيرة الماضية أعاد الإسلاميون تأكيد سيطرتهم علي الجامعة بنسبة تجاوزت 70 % من طلاب جامعة نواكشوط ، كما يسيطر الإسلاميون علي نقابتي التعليم الثانوي والتعليم العالي منذ تأسيسهما إلي اليوم. ويمتلك الإسلاميون حضورا قويا في المجالس البلدية وبعض النواب في البرلمان بغرفتيه، كما يتملكون قوة تنظيمية وإدارية تفيد عادة في المواسم الانتخابية. ورغم ذلك لدي الإسلاميون نواقص كبيرة من أهمها عزوف طبقات منهم عن العمل العام أو السياسي (جماعة الدعوة والتبليغ والتيار السلفي) بل أضرت بعض الممارسات المحسوبة علي السلفيين بصورة التيار الإسلامي في بلد ينظر البسطاء فيه إلي الإسلاميين ككتلة واحدة.
*ما أهم الحركات الإسلامية الموجودة على الساحة الموريتانية ؟ وما طبيعة اتجاهاتها الفكرية ؟
أهم التيارات السياسية في موريتانيا الأخوان المسلمون ولديهم واجهة سياسية هي حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" المشارك حاليا في السباق الرئاسي برئيسه محمد جميل ولد منصور ، كما لديهم واجهة طلابية (الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا (المسيطر علي الجامعة) ، وبعض الجمعيات الثقافية والفكرية والحقوقية وروابط للأئمة وحفاظ القرآن الكريم وأهم وكالة أنباء داخل البلاد وبعض الصحف الأخرى ومن أبرز رموزهم الفكرية والسياسية الشيخ محمد الحسن ولد الددو ومحمد جميل ولد منصور والمختار ولد محمد موسي ، وثانيا هناك جماعة الدعوة والتبليغ وتتركز جهودها في احدي مقاطعات العاصمة التسعة (مقاطعة الرياض) ولديها دور رائد في الدعوة داخل البلاد ، وإن كان دورها قد تأثر بالاضطرابات التي عاشها المشهد السياسي الموريتاني.
*إلى أي حد تلعب التدخلات الخارجية دورا في المشهد السياسي الموريتاني ؟
العالم عموما لعبة الكبار ، والتدخلات الخارجية موجودة وقد تضاعفت بعد الانقلاب الأخيرة حيث كانت فرنسا إلي جانب الجيش مدعومة من بعض دول الإتحاد الأوربي وذلك لمخاوفها التقليدية من تنامي الإسلاميين في المنطقة وظاهرة الهجرة السرية ، بينما كانت الجارة الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية إلي جانب المعارضة المناوئة للجيش ضمن التقاء مصالح كانت أهم معالمه رفض الدولتين للنفوذ الفرنسي المتزايد في المنطقة الإفريقية منذ وصول الرئيس ساركوزي للحكم .
*هل تعتقدون أن التفاهمات التي توصل إليها اتفاق دكار ستصمد أم أن هناك ما يهددها ؟
نعم .. ببساطة لأن القوي السياسية مجبرة على تنفيذها بحكم الضغط الشعبي القائم والمخاوف من انفلات الأمور ، كما أنها معقولة جدا يرى فيها كل طرف نفسه المنتصر في ميدان السياسية أو المواجهة.
*العديد من الشكاوى صدرت عن مرشحي المعارضة في الانتخابات الرئاسية .. هل تعتقدون أن ذلك قد يعد بداية لعملية انتخابية تفتقد النزاهة ؟
هي محاولة كانت من قوي المعارضة لحمل السلطة علي تأجيل الانتخابات أو علي الأقل ترسيخ إمكانية حمل السلطة علي التراجع عن قراراتها لإيهام الرأي العام الوطني بأنها ليست ضعيفة ، وفعلا كان لها ما أرادت فقد ألغى المجلس الدستوري دعوة الرئيس للانتخابات الرئاسية ، وطالب الأطراف بتحديد تاريخ متفق عليه وهو ما تم خلال الاتفاق الأخير الذي عقد بنواكشوط بحضور الوسطاء ومهد للسباق الرئاسي الحالي.
*ما أبرز الضمانات التي يمكن أن توفر للبلاد تجربة انتخابية سليمة دون حدوث أي تلاعب في الانتخابات الرئاسية ؟
أهم الضمانات الآن موجودة وهي تولي المعارضة رسميا وزارة الداخلية المشرفة علي الانتخابات ووزارة الإعلام المسئولة عن المؤسسات العمومية (الإذاعة والتلفزيون) التي تستخدم عادة في الدعاية لمرشح السلطة ووزارة المالية (التي تستخدم في شراء الذمم) ، كما أن للمعارضة نصف الحكومة الآن.
*هل سيكون للموقف من التطبيع والعلاقة مع إسرائيل دورا في حسم الانتخابات الرئاسية ؟
له دور بلا شك ، لكن كل القوي السياسية من الممكن أن تستفيد بشكل إيجابي من هذا الملف بحكم نضالها ضده ورفضها الدائم له خلال سنواته العشر الماضية.
*نريد أن تلقي لنا نظرة سريعة على طبيعة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب الموريتاني الشقيق ؟
هي أوضاع صعبة من دون شك فهنالك مثلث الفقر المشهور الفقر والمرض والجهل ، ولعل الواقع المعيشي للسكان هو جزء من حالة اللاستقرار الذي تعيشه موريتانيا منذ فترة. وللأسف هو واقع تستغله المنظمات الغربية لحمل السكان علي التراجع عن دينهم أو علي الأقل تمييعه وبشكل لافت مستفيدة من عملها الخيري وتغاضي السلطات الأمنية والإدارية عنها وحاجة السكان الماسة لكل أسباب العيش الكريم.
*الدور العربي إزاء الأوضاع في موريتانيا .. ما تقيمكم له ؟ وكيف ترون أداء جامعة الدول العربية في هذا الملف ؟
العرب مقصرون في حق أنفسهم وفي موريتانيا بشكل كبير فغياب التواصل الثقافي والفكري وغياب الاستثمارات المهمة وانعدام فرص للطلاب (منح الطلاب) وغياب إعلام جاد ومهتم بالقضايا الإفريقية عموما (باستثناء قناة الجزيرة) ، والمواقف السلبية للجامعة العربية من أزمة موريتانيا والتي كانت فيها المنظمة الوحيدة المنحازة إلي الانقلابيين من جميع منظمات العالم كلها أمور يمكن اعتمادها في هذا المجال .
التعليقات
إرسال تعليقك