المسلمون الجدد
قصة هداية ورشاد
قصص المسلمين الجدد مثيرة للغاية وتبعث على التأمل والتفكر، وتؤكد هذه القصص بما لا يدع مجالًا للشك أن الدين عند الله الإسلام، وأن الإسلام هو الحق وهو دين الفطرة، ومهما حاول أعداء الإسلام إطفاء نوره فلن يستطيعوا؛ إذ الله متم نوره ولو كره الكافرون، وقصص المسلمين الجدد أكبر شاهد على ذلك، وهذه البوابة ترصد المسلمين حديثي الدخول في الدين من الديانات والملل الأخرى، سواء كانوا مشاهير من سايسيين الرياضيين أو فنانين أو علماء أو مفكرين أو شخصيات عامة، تعرض قصة إسلامهم، كيف تعرفوا على الإسلام؟ ولم اعتنقوه؟ وما العوائق التي قابلتهم في رحلة الهداية.
ملخص المقال
حوار مع ابفون ريدلي, ايفون ريدلي, صحفية بريطانية, الاسلام في الغرب, الاسلام في بريطانيا, الاسلام في انجلترا, المسلمون في الغرب, المسلمون في بريطانيا,
«إيفون ريدلي».. صحفية وناشطة سياسية وحقوقية إنجليزية، انتقلت خلال مسيرتها بين أشهر الصحف الإنجليزية مثل «صنداي تايمز»، «إندبندت أوف صنداي»، «الأوبزيرفر»، وعرف عنها دفاعها عن قضايا المرأة والأقليات.. تبنت القضية الفلسطينية مبكرًا، وبعد أحداث 11 من سبتمبر، وبينما كانت تشغل منصب كبيرة المراسلين في جريدة «صنداي إكسبرس»، قررت الذهاب إلى أفغانستان بعد مرور نحو أسبوعين على تفجير برج التجارة العالمي في نيويورك، ومع قرب الهجوم الأمريكي - البريطاني على أفغانستان. وهناك تم اعتقالها من قِبَل طالبان بعد أن كُشف أمرها، وفي السجن تعرفت على الإسلام عن قرب من خلال حسن معاملة رجال حركة «طالبان» لها، لتعتنق بعد عامين الإسلام، وتصبح واحدة من أشهر المدافعين عن الوجود الإسلامي في أوروبا وعن الحجاب خصوصًا، كما ناهضت الحرب على أفغانستان والعراق، وسياسة حكومة بلادها تجاه تلك القضايا.
كان معها الحوار التالي:
ما قصتك مع أفغانستان؟
- بعد هجوم 11 سبتمبر، كنا ننتظر العدوان الأمريكي - البريطاني على أفغانستان، فقررت السفر إلى أفغانستان للتغطية الصحفية، ودخلت باكستان، وطلبت تأشيرة دخول أفغانستان، ولكن تم رفض منح تأشيرة لي من قبل نظام «طالبان» في كل مرة أتقدم للحصول عليها، ففكرت في الدخول بطريقة غير شرعية من خلال لبس الزي النسائي الأفغاني الذي يغطي وجه المرأة بالكامل، ونجحت في ذلك في 26 سبتمبر 2001م، حيث عبرت مع حافلة الحدود الجبلية، وبرفقتي دليلان، أحدهما أفغاني، والآخر باكستاني، وكاميرا تصوير، ولم أحمل أي مستندات شخصية.
ألم تخافي دخول أفغانستان في تلك الفترة العصيبة؟
- كان الخوف يعتريني، ولكن حب العمل الصحفي والرغبة في الحصول على تقارير حصرية كانت أقوى من خوفي، وطمأنني قليلا عدم تعرض أحد لي، فكنت تحت البرقع أراقب كل شيء ولا أحد ينتبه لي، أو يتحدث معي، ولم أتوقع أن ينكشف أمري.
كم مكثتِ هناك؟
- بقيت هناك يومين، حاولت خلالهما التقاط قدر المستطاع من الصور ومعرفة كيف يفكر الناس في أحداث 11 سبتمبر والحرب التي ستشنها قريبًا الولايات المتحدة وبريطانيا عليهم، وكان الناس يشعرون بأن الأسوأ قادم، وأنهم سيدفعون ثمن شيء لم يرتكبوه، كانوا يقولون لي: نحن آسفون لما حدث، ولكن ما علاقتنا بما حدث؟ لم تنطلق الطائرات من أفغانستان، ولم يكن على متنها أفغان، وأعتقد أنهم كانوا على حق، فلماذا أقبلت أغنى دولة في العالم على أن تدمر أفقر دولة في العالم؟
ومتى انكشف أمرك؟ وكيف؟
- خلال رحلة العودة إلى باكستان، وعلى بعد مسافة عشر دقائق من الحدود الباكستانية، سقطتُ من فوق الحمار الذي كنت أستقله، وصرختُ بالإنجليزية، فانتبه لي رجال «طالبان» وشاهدوا الكاميرا التي بحوزتي، فألقوا القبض عليَّ، واعتقدوا أنني جاسوسة أمريكية.
ماذا حدث بعد ذلك؟
- توقعتُ أن يتخلصوا مني، وعرفتُ أني ميتة لا محالة، إذ كانت لديّ فكرة من خلال الإعلام الغربي عن نظام «طالبان»، الذي صوره لنا «بوش» الابن و«توني بلير» على أنه أكثر نظام شيطاني ودموي على وجه المعمورة، وتساءلت: ماذا أفعل؟ هل أكون لطيفة وسيقتلونني أم أكون فظة وسيقتلونني؟ وقررتُ ألا أُقبّل اليد التي ستصفعني، وقررت أن أكون فظة وأُرضي نفسي على الأقل، فدخلت في إضراب عن الطعام، وبصقت عليهم، وكنت أرميهم بكل ما تقع عليه يدي، وفوجئت برد فعلهم؛ إذ ضايقهم إضرابي، وحاولوا إقناعي بإيقافه، وأحضروا لي الطباخ يسألني ماذا أريد أن آكل؟ والحقيقة أن أحدًا لم يؤذني، ولم يعاملوني بطريقة غير لائقة، كانوا محترمين جدًّا معي، وكانوا لا ينظرون مباشرة إلى وجهي، ولكن هذا الأمر، أقصد طريقتهم الخلوقة في التعامل قرأتها آنذاك من باب المراوغة، بمعنى أنهم يحاولون أن يكونوا محترمين ورابطي الجأش، ظنًّا منهم أني أحمل معلومات أفيدهم بها، لهذا قررت ألا أتأثر بحسن معاملتهم واستمررت في التعامل بفظاظة وعدوانية معهم، وكانوا يسألونني لماذا أنا غاضبة؟ ويحاولون تهدئتي ويخبروني أنني أختهم وضيفتهم ولن يسيء لي أحد، وهذا ما أثار استغرابي وشعرت أني تائهة، فأكثر نظام دموي كما علّمنا «بوش» و«بلير» يتعامل معي بلطف ويتقبل أسلوبي الفظّ بحسن خلق ويرد بتهذيب عدوانيتي.
وبعد أسبوع تقريبًا حضر إليَّ أحد رجال الدين ودعاني إلى الإسلام، فأخبرته أنني الآن لا أستطيع التفكير في الأمر، ووعدته أني سأقرأ القرآن عند خروجي وسأتبحر أكثر في معرفة الدين الإسلامي. ثم بدأَت الحرب، ولم يكن هناك مفر للهروب من الصواريخ التي كانت تسقط علينا، وعشت رعبًا حقيقيًّا في تلك الليلة، واعتقدت أني سأموت في نهاية الأمر بأيد أمريكية أو بريطانية، وفي اليوم التالي أطلقوا سراحي واصطحبوني إلى الحدود، ولم أصدق أني حرة طليقة حتى اللحظة الأخيرة.
متى أشهرت إسلامك؟ وكيف كان رد فعل المحيطين بك؟
- عندما عدت إلى المملكة المتحدة، التزمت بالوعد، واشتريت نسخة إنجليزية من القرآن الكريم، وبدأت أقرأ كتبًا تعرّف بالإسلام، وعن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وبعض كتب المعاملات والمرأة في الإسلام لمدة سنتين تقريبًا، وبدأت أجد فيه دينًا شاملا ونظام حياة متكاملا؛ فأشهرت إسلامي. وكان رد فعل الناس متباينًا، البعض اعتبر إسلامي تخليًا عن الدين، لكني كنت أجيبهم بأنني عندما كنت نصرانية كنت أصلي للخالق، وكنت أؤمن بكل الرسل إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والآن أنا أصلي لنفس الخالق، وأؤمن بنفس الرسل إضافة إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعني الشمولية وليس التراجع والتخلي.
بالنسبة لوالديَّ، أعجبهما التغير في سلوكي ونمط حياتي، حيث أقلعت عن الذهاب للنوادي الليلية ومعاقرة الخمر وتدخين السجائر، أما أصدقائي فتقبلوا الأمر ممزوجًا بقلق، اعتقدوا أنه بإسلامي ستتغير شخصيتي فلن أكون ودودة في التعامل أو ممازحة كما كنت في الماضي، وعندما وجدوا أنني نفس الشخص في طريقة التعامل مع الناس شعروا بالراحة، وهناك من قطع علاقته بي ورفض التعامل معي مجددًا، وهناك من أرسل لي رسائل تهديد بالقتل، لكن الأمور بشكل عام ساءت عندما ارتديت الحجاب، وحينها بدأ التحدي الحقيقي ودفع ضريبة أن تكون امرأة مسلمة في الغرب.
وما هذه الضريبة التي تدفعها المرأة المسلمة في الغرب؟
- في الغرب هناك تمييز ضد المرأة المسلمة، واتهام لها بالتخلف والرجعية والتطرف، وهو ما حدث معي شخصيًّا بعد إسلامي، فأنا مثلا كنت ومازلت أدافع عن القضية الفلسطينية، وكانوا يتقبلون مواقفي السياسية هذه وأنا نصرانية، ولكن بعد أن أسلمت أصبح دفاعي عن فلسطين دعمًا للإرهاب.
كما أنه مازال لدينا عقدة البشرة البيضاء، فإن كانت المرأة سمراء تواجه مضايقات، وإن كانت سمراء ومحجبة فالحالة أسوأ، ولا يشفع لك شيء، فرغم لون بشرتي الأبيض وعرقي الإنجليزي، فإن مضايقات وإساءات وقعت لي بسبب إسلامي وحجابي تحديدًا، فحجاب المرأة يميزها، ويجعلها رأس الحربة في الغرب، وفي الصفوف الأمامية للدفاع عن الإسلام، إذ إن غطاء رأسها يكفي لمعرفة دينها، بخلاف الأديان الأخرى، وهذا تحدٍّ إضافي لها، وأنا شخصيًّا لم يحدث أن سألني أحد عن ديني قبل الإسلام، ولم أضطر لأن أكلم أحدًا عنه، أما بعد أن تحجبتُ فالناس يستوقفونني ويسألونني: لماذا أنا مسلمة؟ وما الإسلام؟ وأحاول شرحه لهم، وهناك من يهاجم مباشرة كأن يقول لي: هل معك قنبلة؟! أو كيف حال أصدقائك الإرهابيين؟! وما شابه.
* حاورها: أيمن أبو عبيد (مجلة المجتمع)
التعليقات
إرسال تعليقك