جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
القدس زهرة المدائن وعروس السلام فتحت بواباتها السبع أمام ثقافات الدنيا
حين يقف المرء بين البلدة القديمة والحوض المقدس ويجول بنظره فيما أبدع الإنسان تصيبه رجفة خشوع من عبق التاريخ وثقل حضوره الطاغي على المكان والإنسان، تشخص العيون في مآذن المساجد وخاصة قبة الصخرة وأجراس الكنائس، وتحديدًا كنيسة القيامة والأسوار والقباب والبيوت العتيقة والأسواق الشعبية، فترى لوحة فنية عظيمة صنعتها حضارة عريقة على مدار خمسة آلاف عام منذ وطئت أقدام كنعان الأول أرض يبوس لتضع حجر الأساس لتراث إنساني رفيع حمل رايته الإنسان الفلسطيني العربي عبر سلسلة طويلة وممتدة من الأجيال المتعاقبة.
زهرة المدائن وعروس السلام فتحت بواباتها السبع أمام ثقافات الدنيا. لم تخش التلاقح الثقافي والمعرفي مع الآخر، ولم تأبه من سيوف الأعداء والمحتلين، قارعتهم بإنسانها حامل مشعل الحرية، وباني مجد حضارتها. وأسقطت حصون وقلاع الصليبيين وغيرهم من الطامعين، كما ستسقط قلاع الصهاينة الجدد، الذين ما انفكوا يعبثون بتفكيك وإعادة تركيب مكونات القدس وفق تعاليم بلا تاريخ، تعاليم دينية مغطاة بسلوفان الكذب والتزوير، ورواية عارية بلا جذور.
يحملون المخرز الصدئ ليحاجوا رواية محمود وغسان وإدوارد وإيميل وياسر وجورج وكمال وقبلهم الخليفة عمر والفاتح صلاح الدين. ويسقطون شهواتهم ورغباتهم في أسفار من بنات أفكار المستعمرين المستوطنين، وبوق بلا طنين عند براق الأقصى الحزين، ويلقون أرديتهم فوق قباب القدس باسم التنين الأبيض القابع على الشاطئ الآخر كاتب الوعد اللئيم وشريكه أبو الولايات الخمسين.
مدينة القدس الفلسطينية -العربية، الإسلامية- المسيحية، أرض الأنبياء والرسل وقبلة الحضارات والثقافات الإنسانية تذبح على مرأى ومسمع البشرية؛ لأنها القدس حاملة الرسالات السماوية ووريثة ما أبدعته مخيلة الإنسان. وناظمة قصائد الانفتاح والذود عن الدار من الأطماع.. هذه القدس تستحق من الأبناء والأحفاد والأشقاء والأصدقاء حيثما كانوا في أرض الله الواسعة قول كلمة حق لا تلين لكذبة المحتلين، واحتفاء بها لرد كيد المعتدين، وفعلاً يضاهي سلام الخليفة عمر وصلاح الدين، وقبلها صحوة فلسطينية وعربية ترمم وتبني جسور الوحدة واللحمة بلا ادعاءات تغازل ادعاءات نتنياهو وليبرمان وأسلافهما من المحتلين. القدس نبية المدائن ورسولة السلام وعميدة التاريخ والحضارة وعبقرية الإنسان والثقافة بعد أيام تقص شريط الاحتفاء بها كعاصمة للثقافة العربية.
مع بدء فصل الربيع وعيد الأم وذكرى انتصار الكرامة ترنو عيون أبنائها من الفلسطينيين العرب الأقحاح إلى كل الدنيا، لترى وتسمع نشيد السلام يعلو ويصدح فوق مآذن المساجد وأجراس الكنائس وقباب البيوت العربية العتيقة، في الساحات وعند البوابات السبع ولتدفن خوذة المحارب الغاصب مرة وإلى الأبد، وتعيد الاعتبار لمدينة الأنبياء مسرى ومعراج النبي العربي الكريم محمد، وتوءم بيت لحم مدينة المسيح وكي تنهض من جديد وتفتح سماءها وبواباتها أمام زواج وتلاقح الثقافات.
* عمر حلمي الغول - الحياة الجديدة.
التعليقات
إرسال تعليقك