ملخص المقال
دأب كثير من الكتاب على نعت شعوبنا العربية بأنهم من أكثر شعوب الأرض استهلاكا .. ودائما ما يستدلون على ذلك بالعديد من الإحصاءات والاستبيانات التي تعطي
دأب كثير من الكتّاب على نعت شعوبنا العربية بأنهم من أكثر شعوب الأرض استهلاكا .. ودائما ما يستدلون على ذلك بالعديد من الإحصاءات والاستبيانات التي تعطي الدلالة تلو الأخرى على صدق هذه المقولة ، أو هذا الاستنتاج .وفي الحقيقة فان ما نراه من سلوكيات البعض ، وليس الأغلبية، يذهب إلى أبعد الحدود في صدق ما قيل، بل والزيادة عليه .
ولنا أن ننظر إلى سلوكياتنا في شهر الصوم الفضيل، الذي هو شهر العبادة والتقليل من فضول كل شيء، والذي شُرع أصلا كي يستشعر القادرون ما يعانيه إخوانهم الفقراء من مرارة الحرمان والحاجة .. إلى غير ذلك من الدروس والعبر التي يعلمنا إياها رمضان، والذي اشتق اسمه من الرمضاء التي هي شدة حرارة الشمس وتأثير ذلك على صحة الإنسان وحياته. ولنا أن ننظر إلى أعداد الداخلين إلى محلات السوبر ماركت والأسواق، وحجم وكميات الأطعمة التي جلبوها استعدادا لرمضان، وعلى الرغم من زيادة الأسعار والأرباح التي يحققها التجار من وراء الصراع للحصول على حصصهم من السلع والمأكولات والمشروبات وغيرها من ألوان الطعام والشراب، إلاّ أن الإقبال يزداد على هذه المحلات لتوفير " احتياجات رمضان " الذي يجب ألا يحتاج أصلا مثل هذه السلع .
ثم تعالوا إلى ما نشاهده في صناديق القمامة بعد الإفطار وحجم ما يلقى فيها من أطعمة فائضة عن الحاجة، ثم حجم الولائم التي تعقد هنا وهناك، ثم حجم ما يلقى من أطعمة في صناديق القمامة التي تجاور قاعات الأفراح على مدار العام .. وعدد القطط السمان التي تنتظر مثل هذه الصناديق و تتحلق حولها .. بانتظار ما لذّ وطاب من بقايا هذه الولائم .
مشاهد سلبية .. لاشك في ذلك، تعكس ثقافة سلبية اكتسبناها على مر الأيام ، للدرجة التي حدت بعلماء الاقتصاد بنعت بلادنا بأنها سوق استهلاكية كبيرة وهائلة ، ومن ثم تلجأ الشركات الكبرى والتي يطلق عليها " الشركات المتعددة او المتعدية الجنسية " ـ بعد أن أصبحنا مطمعا لكل غاز .. ومطمحا لكل مغامر .. للقدوم الى بلادنا وغزونا اقتصاديا .. وتحقيق ما تقدر عليه من إرباح ..والأخطر من ذلك هو إكسابنا ثقافة الاستهلاك التي تنتج فقرا واحتياجا .
ترى إلى متى سوف نظل على هذه الحال؟ ..
آمل أن يكون رمضان هذا العام ، ليس ككل رمضان من حيث استهلاكنا للطعام، وان يكون فرصة لتأمل أحوالنا كلها .. وان نعيد تصحيح الصورة التي نبدو عليها ، وان نعبر بشكل أكثر صدقا عن ديننا الذي يأمرنا دائما بألا " نسرف " في أي شيء وكل شيء .. لأن الله لا يحب " المسرفين " ومن يرد ان يحبه الله عليه الا يكون مسرفا .. حتى في فعل الخير .. فما بالك بالأفعال السيئة ..!
التعليقات
إرسال تعليقك