جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
بعض التحليلات لكبار الكتَّاب والتي تناقش أسباب الاحتلال الأمريكي للعراق، والمستقبل المتوقع للعراق، وما هو السبيل للخروج من هذه المحنة
خطة تقسيم العراق .. غير ملزمة ولكنها قادمة[1]
في يوم 26/9/2007م أقر مجلس الشيوخ الأميركي خطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم للحكم الذاتي هي كردستان وسنستان وشيعستان، حسب تعبير المروجين لمشروع "التقسيم الناعم" في مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية.
وقد صوت للقرار 75 شيخًا من أصل مائة، وصوت ضده 23، وكان من الملفت للنظر أن يصوت 26 شيخًا من الحزب الجمهوري حزب الرئيس بوش للقرار، على الرغم من أن إدارته أبدت معارضتها العلنية له، وهو ما أظهر انقسامًا جمهوريًّا عميقًا حول سياسة الإدارة الأميركية الراهنة في العراق كان قد بدأ قبل ذلك بأشهر.
يقول تقرير باركر السفير الأمريكي السابق إن "العراق الفدرالي" سوف يتم ضمه (أو ربما ضم بعضه؟) إلى صيغة كونفدرالية، تحت عنوان "الاتحاد الهاشمي"، تتألف من الأردن أيضاً، والسلطة الفلسطينية... وقد بدأ يتضح الآن المقصود بما قاله ريتشارد باركر.
أوضح بيكر أن تقسيم العراق الآن سوف يصب في مصلحة إيران، ولسوف يثير حفيظة الدول المحيطة بالعراق من حلفاء الولايات المتحدة.
وهذه محاذير حقيقية لا تستطيع واشنطن تجاهلها وهي تبذل الجهود لتشكيل "حلف المعتدلين" لمواجهة إيران وسوريا وحماس وحزب الله، وعلى أعتاب المؤتمر الدولي لتطبيع العلاقات العربية الصهيونية بدون اتفاقية سلام.
تفكيك العراق والوطن العربي هو في الأساس مشروع يهودي قديم، ولعل أقدم وثيقة صهيونية تتحدث رسمياً عن تفكيك العراق والوطن العربي هي تلك المعروفة باسم "وثيقة كارينجا"، وهو ما يوحي بإمكانية تفاهم براجماتي صهيوني إيراني على جنوب العراق، على طريقة نقل الأسلحة الأمريكية والصهيونية لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية التي انكشف أمرها في فضيحة "إيران كونترا".
نتحدث بوضوح عن مشروع تفكيك إذن، وهذا المشروع ينبع من اعتبارات إستراتيجية، لأن الكيان الصهيوني وقوى الهيمنة الخارجية لن تعرف الراحة ولا الأمن حتى:
1- يتم تفكيك دول المنطقة إلى دويلات متصارعة على أسس طائفية وعرقية.
2- يتم شطب الهوية العربية الإسلامية لبلادنا. فالتفكيك للهوية قبل الجغرافيا.
المقاومة التي كسرت أنف الأمريكيين![2]
في برنامج من البرامج القليلة التي "لا مفر من بثها"، بثت قناة فوكس نيوز تقريرا عن الجنود الأمريكيين في العراق، بالموازاة مع اعتراف الرئيس نفسه بأنه أخطأ تقدير الحرب الأمريكية على العراق، وبموازاة كل الفوضى التي تحصل داخل البيت الأبيض والتي جعلت الجمهوريين.
اليوم أمام فوهة المدفع ليس من قبل الإعلام الأمريكي وليس قبالة أسر الجنود الذين قضوا في العراق والذين يتهمون بوش الأب والابن بأنهما سبب مقتل أبنائهم، بل لأن المحافظين الجدد غيروا الوجهة فجأة وبدأ ما يشبه بالعد التنازلي إزاء الحرب نفسها حين تكلم شخص مثل " بايبس" بأن أخطاء الحرب لم تكن لتحدث لولا عدم المنطق الذي اتخذته الحرب نفسها وهي الجملة التي ما كانت ستخرج من فم أكبر مهندسي الحرب الأمريكية على أفغانستان وعلى العراق، لولا أن الخسارة صارت اليوم شاملة ولكن ليس بالقدر الكافي.
قناة كتلك القناة اعترفت أخيرا أن الحرب كانت خطأ كبيرا، ليس لأن الاستعداد العسكري الأمريكي (بكل التكنولوجيا) كان قليلا، بل لأن المقاومة كانت الأقوى في منطق الإيمان أن الأرض للعراقيين وأن أمريكا اعتدت مرتين، مرة ضد الشعب ومرة ضد مقومات وثوابت الشعب.
خطأ الأمريكيين أنهم يعتقدون أن المقاومة تنطلق من حب الشخص، وليس عن حب الأرض والعرض والدين، يربطون المقاومة مثلا بأشخاص وقدر ربطوها بأبي مصعب الزرقاوي وكأن القضاء عليه سيقضي على المقاومة أساسا وهو الخطأ الفادح الذي ما زالت ترتكبه إلى الآن، ليس في العراق بل وفي أفغانستان وفي كل العالم أيضا.
لم يعرف الغرب أن القتال لن يجدي لأجل الأشخاص، أو لأجل سلطات آنية، بل أن القتال هو هذه المقاومة التي كلما سقط الشهداء فيها أنبتت الأرض المزيد منهم لأجل نفس القضية، ولأجل نفس الأرض ولأجل نفس العرض ونفس الهدف الذي أعطاه الأمريكيون لأنفسهم كحق أحادي لاحتلال العالم لأجله، ويمنعون المقاومة منه أي : حق البقاء وحق الحياة وحق قول "لا" أمام كل أنواع الاغتصاب التي تحدث.
وإن اعترف قادة الحرب في أمريكا أنهم خسروا فلأنهم خسروا فعلا ولأنهم سيخسرون أيضا ما تبقى من حروبهم الفاضحة ضد العالم، فلن يموت حق وراءه مقاومة لأن قتلانا شهداء، وقتلاهم مجرمي حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من فلسفة صاغتها أمريكا وانقلبت عليها كما ينقلب السحر على الساحر. وإن غد لناظره قريب!
من يحمي ثروات العراق البشرية من الموت المجاني ؟[3]
لقد أزعجني أيضا أن الأوضاع الأمنية بالبلاد جعلت منظمة عالمية مثل "أطباء بلا حدود" توقف نشاطها في العراق في العام الماضي، وذكرت في تقريرها حجم المخاطر التي تواجه العاملين في مجال الصحة بالعراق واستهداف مقار عملهم أو استهدافهم شخصيا من الجماعات الإرهابية التي يعز عليها أن تقوم بتفجير فينجو منه جريح ويُداوى على يد الأطباء والعاملين بالحقل الصحي، ولكن رغم فرار الأطباء الأجانب وبالطبع حرمان العراق من التفاعل الذي كان يتم بين خبراتهم والأطباء المحليين فإن أحدا من المسئولين لم يعلق على الأمر، ولا طالب بحماية لأطباء العراق مثلاً وكأنهم استراحوا من العبء النفسي لوجود أطباء أجانب بالبلاد واحتمال استهدافهم،لكن أطباء العراق فلهم الله.
والأمر لا يقتصر على معاناة الأطباء فقط في العاصمة بغداد، بل وحتى في مدينة كالبصرة - الهادئة مقارنة بمدن أخرى بالعراق، لم ينج الأطباء وأساتذة الجامعات من القتل المجاني، فقد قتل مثلا عميد كلية الصيدلة السابق الدكتور محمد حسن الحكيم، وعميد كلية الهندسة وآخرون. وذكر تقرير إخباري أن المدينة تشهد "باستمرار اغتيالات تستهدف الكوادر العلمية المتخصصة، خصوصا الأطباء وأساتذة الجامعات، وسـُجلت عدة حالات اغتيال دفعت بالعديد من الأطباء إلى الهجرة أو التوجّـه صوب كردستان العراق، أو إلى خارج البلاد".
إننا نتوقع أن تسارع الجهات المسئولة عن الوضع الأمني بالعراق لبحث هذه المشكلة الخطيرة المتمثلة في الاستهداف المنتظم للكوادر العلمية والمهنية، بالطبع سعدنا بالقرار الذي صدر باعتبار كل طبيب يستهدف ويتقل على يد الإرهابيين أو عصابات الخطف والسطو شهيدا، لكن أليس هناك حل آخر لحماية الأطباء بدلا من تكريمهم بعد استشهادهم؟ وربما لا نمازح إذا طالبنا كل مسئول بالحكومة بالاستغناء عن 20% من حراسه - ولا أقول ميليشيات أحزابكم - لحماية مستشفى أو معمل أو جامعة، فمن يسكن هذه الأماكن ثروة بشرية لا تقتصر على عمر حكومة أو دورة تشريعية، إنهم باقون لخدمة العراق ونذروا أنفسهم لهذا الغرض وليست أرواحهم بأقل أهمية من أرواح بعض الساسة المتنافسين على الكراسي والمناصب ونسوا أن هناك دم لازال يراق بالبلاد.
كلنا ندفع الثمن[4]
هناك الآن أدلة كافية على أن أسباب الحرب لُفقت بالكامل، ولم يكن هناك خطأ، والعصابة معروفة: نائب الرئيس ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول وولفوفيتز ودوغلاس فايث وغيرهم. والعصابة كذبت في الكبير والصغير، والكل يذكر قصة المجندة جسيكا لينش التي أنقذت في عملية بطولية كادت تصبح مسرحية موسيقية وفيلماً، ثم تبين ان أطباء عراقيين سلموها إلى القوات الأميركية لتوفير عناية طبية أفضل لها، من دون إطلاق رصاصة واحدة، وربما كانت هذه الكذبة مبررة لرفع معنويات الجنود التي لا بد ان تكون هبطت عندما نفت جسيكا بحزم خرافة إنقاذها. وأسوأ من ذلك كثيراً الكذب في موت بطل الكرة الأميركية الجندي بات تيلمان، في نيسان (أبريل) 2004م فقد قيل في حينه إنه قضى في معركة مع القاعدة في أفغانستان، ورثاه الرئيس بوش ومنحه وساماً، ورفع رتبته بعد موته إلى عريف، وأصبحت صورة البطل الوسيم رمزاً للحرب على الإرهاب. غير أنه لم يمض شهر على موته "البطولي" حتى أظهرت تحقيقات أنه قتل بما يسمونه "نيران صديقهُ"، أي أن زملاءه قتلوه خطأ. وثارت أسرة تيلمان، وثار معارضو الحرب معها، وطالب الجميع بمعرفة إنْ كان البيت الأبيض والبنتاغون كذبا عمداً في شرح موت تيلمان.
وإذا كان ما سبق سيئاً فإن التطورات التالية بدت أسوأ ألف مرة بعد تردد معلومات عن أن بات تيلمان قتل، أو اغتيل، برصاص قوات خاصة أميركية، لأنه بعدما ذهب إلى الحرب متطوعاً اكتشف كيف قامت على الكذب وشهد فظائعها، وأصبح داعية ضدها يحرض زملاءه على التصويت للديموقراطيين ومرشحهم للرئاسة جون كيري. بل إنه اتصل بالمفكر المشهور نعوم تشومسكي، المعارض البارز للحرب، للانضمام إلى حملته على الحرب. وإذا صحت هذه النظرية فقتله جريمة يجب ان يدفع ثمنها من أمر ومن نفَّذ.
بين الكذب في الكبير والصغير هناك كذب في كل ما له علاقة بالحرب. وقد سمعنا الأسبوع الماضي أن القوات الأميركية أطلقت 500 سجين عراقي، واستخدم الرقم دليلاً على تحسن الوضع الأمني، ولكن الأرقام تقول إن هناك 25800 عراقي أسير لدى القوات الأميركية، وقد اعتقل 17 ألف عراقي هذا العام فقط، وأفرج عن أكثر من ستة آلاف منهم، طبعاً من دون اعتذار أو تعويض.
في غوانتانامو وصل عدد المعتقلين يوماً إلى أكثر من 700 رجل، وهم الآن حوالى 300 رجل لا يتوقع ان يحاكم منهم أكثر من 80 رجلاً، فيكون أكثر من 600 رجل بريء احتجزوا أكثر من ست سنوات. والمعلومات الأميركية تقول إنه كان هناك تعذيب، حتى وإن أنكر الرئيس بوش، وتقارير رسمية مسربة إلى الميديا كشفت عن تهديد بالغرق في الماء، وضرب على الرأس، وتقييد شديد بالأصفاد، والسجن في زنزانات مثلجة. لذلك فقد جرت 41 محاولة انتحار من 25 معتقلاً، ونجح أربعة في الانتحار فعلاً.
يظل السجن، حتى لسنوات، أهون من القتل، والقوات الأميركية قتلت مدنيين في أكثر عملياتها العسكرية، خصوصاً الغارات الجوية، وقوات الأمن الخاصة فعلت مثلها، ولماذا لا تفعل وإدارة بوش منحتها حصانة من الملاحقة القضائية. وأسأل ماذا كان سيحدث لو ان القوات الأميركية وقوات الحراسة الخاصة قتلت أي ناس آخرين، مثل مسيحيين أو يهود؟ يبدو القتل حلالاً في المسلمين فقط (وألومهم مع القتلة لأن "من يهن يسهل الهوان عليه"، ولو أنهم قاوموا إرهاب الفئة الضالة لما وصلنا إلى هذه الحال).
ما يعنيني من موضوع الكذب في الإعداد للحرب، وفي شنّها، وإدارة العراق بعد الاحتلال، والقتل اليومي، أن استمراره يعني استمرار المشكلة. وبما ان الكذب يزيد ولا ينقص، فإن المشكلة ستستمر وتتفاقم، وندفع كلنا الثمن.
نحن وهم.. قلب ينزف وأطراف تتمزق[5]
لقد كشفت الوثائق الأمريكية المسربة أخيراً، أن الاستراتيجية الأمريكية اعتمدت منذ عامي 1995 2000م مخطط الحرب المدمرة ضد العراق، كمرحلة ثانية بعد حرب عاصفة الصحراء وفي ظل الحصار الخانق المفروض عليه، كان ذلك قبل وقوع هجمات سبتمبر 2001م ضد نيويورك وواشنطن، بما يؤكد للمرة الألف أن غزو العراق واحتلاله، ومن قبله حرب أفغانستان، لم يكن انتقاماً أو ردة فعل أمريكية على الهجمات الإرهابية الدامية في سبتمبر إياه، بل كان جزءاً من مخطط أوسع، لا يكتفي بحكاية الانتقام من الإرهاب، بل هو يهدف إلى اقتحام خريطة العالم العربي والإسلامي بالقوة المسلحة وإخضاعه عنوة وتجبراً.
وبمرور الأيام وتوالي الأحداث أثبتت إدارة بوش بكل الدلائل العلمية والعلنية، أنها مؤمنة حقاً بنظرية المحافظين الجدد عن "القرن الأمريكي"، مصدقة فعلاً لما ادعته عن الرسالة السماوية للتبشير بالإصلاح والديمقراطية، وفرض قيم الحرية والتسامح بقوة السلاح وغطرسة الحرب.
وها نحن ننعم، والحمد الله، بكل فضائل هذه النظريات والرسائل التبشيرية، إذ إن حربي أمريكا ضد أفغانستان منذ عام 2001م والعراق منذ عام 2003م لم تحققا النتائج السريعة المرجوة، فامتدت عبر الخريطة من شرقها إلى غربها، حاملة كل بشائر الفوضى الخلاقة، وخلاصتها تدمير ما هو قائم من نظم سياسية وقدرات عسكرية واستنزاف كل ثروة اقتصادية، في هذه المناطق المضطربة والغنية، لإعادة بناء كيانات ودول ودويلات أخرى عديدة.
وفي ما بين هذه التقسيمات، تشتعل الاحتقانات والصراعات وتتصاعد المخاوف والشكوك المتبادلة، بينما سوس الفساد والاستبداد يسري في الداخل بدرجة غير قليلة، كي يشكل وقود اللهيب والانهيار الداخلي، المتحالف بالطبع مع ضغوط الحصار الخارجي.
وإن كانت مقاومة المخططات الأجنبية الهاجمة، سواء كانت فوضى خلاقة أو مدمرة، أمراً ممكنا كما أثبت تاريخنا الطويل، فإن مشكلتنا المستعصية حقاً، تبدو وكأنها الداعم المساندة للغزو والتخطيط الأجنبي، ونعني بصراحة أن المخاطر والتحديات الداخلية هي الأشد عنفاً، لأنها هي التي تقطع الشرايين فلا يصل الدم إلى القلب الواهن ولا إلى الأطراف المعطوبة.
هيا إذاً نقاوم.. لكن بعض نظمنا الحاكمة عبر الوطن العربي تخنق شعوبها، بحجة أن الأولوية هي لمقاومة الضغوط الخارجية والاعتداءات الأجنبية، ومن أجل ذلك تتوارى الحقوق وتنتهك الحريات، وقد جربنا ذلك طويلا والحال هو الحال.
فلماذا لا نجرب من الآن فصاعداً، تغيير المعادلة، بإطلاق الحريات وصيانة الحقوق واحترام المواطن، طرقاً لمقاومة الضغوط والاعتداءات الأجنبية؟ وحتماً ستختلف الأوضاع سواء في القلب الواهن، أو عند الأطراف الممزقة.
عوامل كبح حرب العراق الطائفية[6]
الأول: العامل الاجتماعي
عدم معرفة التفاصيل الدقيقة بالسنة والشيعة في العراق غالبا ما يفضي إلى تصورات خاطئة وقناعات مغلوطة مما يربك الكثير من الخطط والمشاريع المرتبطة بالقضية العراقية ومستقبل هذا البلد.
يتكون العامل الاجتماعي من مرتكزين رئيسين هما مسألة التزاوج بين أبناء الطائفتين (السنة والشيعة) ومسألة التوزع الطائفي بين القبائل والعشائر العراقية، وهاتان المسألتان تغيبان عن الكثير من المتابعين والمهتمين بالشأن العراقي.
ولم يفكر العراقي على الإطلاق بموضوع الانتماء الطائفي سواء إذا أراد أن يختار لابنه أو إذا ما تقدم شخص لطلب يد ابنته للزواج، ولهذا فإن نسبة التزاوج عالية جدا، وبسبب عدم وجود إحصائيات حول هذا الموضوع فإنه لا يمكن إعطاء أرقام محددة.
ويمكن القول، إنه لم يحصل حتى الآن أن شنت قبيلة أو عشيرة في العراق من الطائفة (الشيعية) هجوما على عشيرة أو قبيلة من الطائفة (السنية) أو بالعكس، هذا لم يحدث في العراق، ولم يحصل أن هاجمت مدينة أو قرية على أساس طائفي رغم كل ما سمع العالم من عمليات اختطاف وقتل شملت عشرات الآلاف من العراقيين.
الثاني: العامل الجغرافي
ما هو راسخ في عقول وأذهان الغالبية العظمى من الذين يتابعون الشأن العراقي أن هذا البلد ينقسم إلى شمال كردي ووسط سني وجنوب شيعي، وأن ثمة وجود حدود جغرافية تمنع أي نوع من الانتقال والعيش أو حتى التماس بين هذه المناطق الثلاث التي يتم تقسيمها على أسس طائفية وعرقية.
وهنا لابد من القول إنه لم يسجل حتى اللحظة أي هجوم في منطقة (سنية) ضد أخرى (شيعية) سواء في الجنوب أو الوسط والشمال، وعلى عكس ذلك فقد تدافع شيوخ العشائر في البصرة والعمارة للوقوف مع إخوانهم (السنة) الذين تعرضوا للتهديد بالتهجير من قبل العصابات والجماعات المرتبطة بمشروع الاحتلال.
لكن يجب ألا يغفل العقلاء والدارسون والحريصون على مستقبل المجتمع العراقي بعض الدرنات التي بذروها بين ثنايا العراقيين لعزل مكونات المجتمع العراقي، والتأثير بصورة أو بأخرى على تماسكه وتداخله اجتماعيا وجغرافيا، والعمل الجاد والفاعل على إزالة أي شكل من أشكال الغبار الأسود الذي تركوه هنا أو هناك.
التعليقات
إرسال تعليقك