جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
تصور غربي لحل أزمة دارفور, مقال يتناول الحلول العملية برؤية غربية لحل أزمة دارفور وقد اشتملت على جميع الأطراف المتصارعة في هذه الأزمة
لقد أصبح من الملح أن تنجح هذه المحادثات وأن تبدأ بالتوازي عملية, تنصب بالأساس على الأزمات السياسية والإنسانية في دارفور.
فالمتمردون في دارفور، وهم ليسوا شركاء في محادثات سلام منظمة الإيجاد، قرروا رفع السلاح خشية أن يتم إقصاؤهم من قرارات اقتسام الثروة والسلطة الخاصة بالسودان، ودفع هذا النظام السوداني لإبطاء عملية السلام؛ حتى يتيح لنفسه الوقت للهجوم على دارفور, اعتقادًا منه بأن المجتمع الدولي لن ينتقده.
وكانت الاستجابة الدولية ضعيفة وغير فعالة, فالأولوية بالنسبة للفاعلين الخارجيين -الحكومات الجارة وداعموها كواشنطن ولندن وأوسلو وروما- هي إيصال حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى اتفاقية نهائية..
وكانت السياسة مترابطة هيكليًّا وعلى درجة عالية من الدبلوماسية, وتم تقديم حوافز اقتصادية وسياسية للجانبين، وبدا الضغط خافتًا بالرغم من أن ثمة أدلة على أن الضغوط كانت هي السبب الرئيسي لجمع الحكومة والحركة الشعبية على مائدة السلام.
ولم تبدأ دبلوماسية العضلات إلا في مارس 2004م, مع الاحترام الكامل لدور منظمة "إيجاد" ومحاولات بناء مفاوضات فعالة لدارفور.
لقد انفجرت الحرب المفتوحة بدارفور في مطلع 2003م، عندما هاجمت حركتا التمرد المهلهلتان: "جيش حركة تحرير السودان", و "حركة العدالة والمساواة" القواعد العسكرية للحكومة، كما حمل المتمردون أيضًا -الساعون إلى وضع نهاية لذلك التهميش السياسي والاقتصادي المزمن من قبل النظام- السلاح لحماية مجتمعاتهم ضد الحكومة المدعومة بالمليشيات المجندة من الجماعات ذات الأصول العربية بدارفور وتشاد.
وقد تلقت مليشيات "الجنجويد" تلك دعمًا حكوميًّا بارزًا طوال السنوات الماضية للقضاء على المدنيين في هذه المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، وأدت هجمات المليشيات وكذا الهجمات الشديدة للحكومة إلى رحيل جماعي وقتل عشوائي وإلى السلب والنهب، بما يعد انتهاكًا كليًّا للفقرة 3 من اتفاقية جنيف 1949م, التي تحرم الهجوم على المدنيين.
* في الحرب.. كل شيء وارد:
إن الحرب الأهلية في دارفور -التي أدت إلى تدمير شامل في الميزان العرقي الهش لسبعة ملايين مسلم- لهي بحق مجموعة من الصراعات المتشابكة؛ واحد منها بين قوى الحكومة والمتمردين، بداخله صراع ثانٍ بين مليشيا الحكومة والمدنيين، وصراع ثالث يتضمن جماعات دارفور نفسها, وقد يتضمن مضامين تتخطى حدود إقليم دارفور.
وتهدد الحرب بشكل غير مباشر النظم الحاكمة في كل من السودان وتشاد, ولديها كذلك القدرة على إشعال التمرد في أجزاء أخرى من السودان، فقد تحالف مجلس البيجا بشرق السودان مع حركة تحرير السودان، وقد تبزغ جماعات أخرى -في الشرق أو الغرب- تكوّن تحالفًا مناهضًا للحكومة، فحتى عناصر الحركة الشعبية لتحرير السودان من جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق قد تستدرج إلى ساحة المعركة إذا أصبحت غير راضية عن محادثات الإيجاد.
وتسعى الخرطوم إلى السيطرة على الجوانب السياسية لإشعال الصراع، فالترتيبات التي تركز فقط على المسائل الإنسانية قد لا تستمر، كما أن عملية الإيجاد قد يصيبها الفشل، فأي عملية تسير بالتوازي مع الإيجاد وتهدف إلى السيطرة على أزمة دارفور الإنسانية عبر وقف إطلاق النار، يجب أيضًا أن تحدد تلك الأمور السياسية التي تحرك المتمردين..
فدور تشاد غير مجدٍ، والمحادثات الجديدة بحاجة إلى تسهيلات من دائرة أوسع, من الفاعلين الخارجيين كالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، ويجب أن يكون هناك مزيد من التنسيق الدولي أكثر مما يحدث الآن في دارفور, كالدبلوماسية الشعبية المتزايدة والداعمة للمحادثات, ومراقبة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان, ووضع عقوبات واضحة على أي طرف سوداني يقوض من سبل حل الصراع.
* والآن ما الحل ؟
بالنسبة لحكومة السودان:
1- التعهد بمفاوضات سياسية بإشراف دولي مع متمردي دارفور، هدفها الأول مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.
2- الأمر الفوري بوقف هجمات القوات والمليشيات الحكومية على المدنيين والأهداف المدنية بدارفور.
3- إلقاء القبض على كل من يساعد الجنجويد والمليشيات الأخرى, والبدء في عملية شفافة تهدف إلى نزع أسلحتهم, ومحاكمة من يستمر في مهاجمة المدنيين.
4- توجيه الأمر لقوات الأمن الحكومية بحماية المدنيين ضد الجماعات المسلحة.
5- السماح بتدخل إنساني كامل للمناطق المتضررة, وإيصال المساعدات العاجلة والإغاثة، مع قبول مراقبة دولية حول استخدام تلك المساعدات والإغاثات.
6- ضمان العودة الآمنة للقرويين النازحين جراء الصراع إلى مواقعهم الأصلية, ومساعدتهم في إعادة بناء قراهم.
7- التفاوض بشأن إقامة مجالس تتكون من ممثلين عن الحكومة، ومتمردي دارفور، وكذا ممثلي المجتمع المدني، وبمشاركة ممثلي الأمم المتحدة مع تفويض بما يلي:
(أ) تسجيل الشكاوى الجنائية ضد الإيذاء الجماعي أو الفردي, والقتل الخطأ, والمفقودات المادية كالدواب والمنازل والبضائع التجارية.
(ب) خلق آلية للتعويض والتحقيق في دعاوى الضحايا.
(ج) إشراك طرف ثالث مسئول في التحقيقات، كفريق مراقبة حماية المدنين حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
8- السماح لفريق مراقبة حماية المدنيين للبدء الفوري بالتحقيق في الهجمات ضد المدنيين بدارفور.
بالنسبة للحكومة الداعمة لمليشيات الجنجويد:
9- وقف عمليات الاعتداء على الأهداف المدنية واحترام القانون الدولي الإنساني.
بالنسبة لجيش الحركة الشعبية وحركة العدالة والمساواة:
10- التعهد بمفاوضات سياسية مع الحكومة, تهدف بالأساس إلى مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.
11- السماح بالدخول الإنساني إلى المناطق المتضررة؛ لإيصال الإغاثة العاجلة ومساعدات إعادة البناء.
بالنسبة للحركة الشعبية لتحرير السودان:
12- قبول الصلة بين المتصارعين, والمساعدة في جهود تعزيز إقرار السلام في دارفور, مع مناقشة القضايا الباقية ضمن محادثات سلام الإيجاد.
بالنسبة إلى مجلس الأمن:
13- تمرير قرار مفاده:
(أ) إدانة انتهاك القانون الدولي الإنساني بواسطة كل أطراف الصراع في دارفور، خاصة الاستهداف اللاتمييزي للمدنيين وعرقلة الحكومة للمساعدات الإنسانية.
(ب) المطالبة بمفاوضات سياسية دولية بين الحكومة ومتمردي دارفور, تهدف بالأساس إلى مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.
(ج) دعم الدبلوماسية الإنسانية المستمرة لمساعد الأمين العام للشئون الإنسانية جان إيجلاند والمبعوث الخاص للشئون الإنسانية في السودان توم فرالسين.
(د) السعي نحو نتائج لمحادثات سلام الإيجاد والدعم الكامل لاتفاقية السلام بين الحكومة والحركة الشعبية.
بالنسبة للمفوضية العليا لشئون اللاجئين:
14- ضمان عودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم وتنسيق تمويل دولي لإعادة توطينهم.
بالنسبة للدول المراقبة (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج وإيطاليا):
- دفع مزيد من الدبلوماسية الشعبية والنشطة، بما يتضمن تطبيق ضغوط على الطرف المعرقل للتوصل إلى نتائج فيما يتعلق بإدانة انتهاك القانون الدولي الإنساني بدارفور بشكل صريح.
- التنسيق مع الدول الأخرى، بما فيها فرنسا وتشاد، لخلق إطار للتفاوض السياسي الدولي بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور, والتأكيد على الحكومة بأن أي فوائد يتم اكتسابها من محادثات الإيجاد, سيتم سحبها إذا عارضت الحكومة المفاوضات الخاصة بتحديد جذور الصراع في دارفور.
- دعم عملية التوفيق الإثني والقبلي بدارفور, وذلك أولاً بمساعدة عودة اللاجئين لمنازلهم وقراهم، ثم في المدى الطويل النهوض بإدارة فعالة للموارد ومحاربة التصحر.
التعليقات
إرسال تعليقك