جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
كان الصومال منذ قرون خاضعا للسيطرة الاستعمارية، حيث تعد منطقة القرن الأفريقي بالغة الأهمية كموقع استراتيجي، فما أهمية الصومال الاستراتيجية؟
نعود إلى الوراء
يشكل "القرن الأفريقي" أهمية قصوى في مجال الجغرافيا السياسية وكان موضع تنافس بين عرب الجزيرة، والصينيين، واليونانيين والرومان والبطالمة الذين حكموا مصر قديماً، ودخل البرتغاليون إلى البحر غزاة، أو مكتشفين لطريق "رأس الرجاء الصالح" والهند، ودخلوا إلى المحيط الهندي، وجنوب البحر الأحمر، وتزامن دخولهم إلى منطقة جنوب الأحمر، مع حروب نشبت بين قوات الشيخ أحمد حرّان الأعسر الذي حاول اقتطاع أجزاء من جنوب إمبراطورية الحبشة مما جعل إمبراطور الحبشة "لبنادنجل" يطلب مساعدة البرتغاليين لحمايته من المسلمين ،ودخل البرتغاليون جنوب البحر الأحمر، مما دفع الطاهريين في اليمن إلى الاستنجاد بالمماليك في مصر، ثم أعقبهم الفتح العثماني الذي كان يهدف إلى الدفاع عن المسلمين من الغزاة البرتغاليين فضلا عن تجميع الدول الإسلامية في خلافة تجمعهم، وامتد نفوذهم إلى جنوب البحر الأحمر، ودخلوا اريتريا لإحكام الحصار على المدخل الاستراتيجي للبحر الأحمر في العام 1557م ليظلوا حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي يسيطرون على الجنوب العربي ومدخل البحر الأحمر.
وكان لافتتاح قناة السويس أثر كبير في لفت أنظار المستعمرين لأهمية البحر الأحمر وجنوبه بالتحديد فقام الاستعمار البريطاني باحتلال عدن في العام 1838م، وبدأوا يعدون العدة لاحتلال "بربرة" وهرجسيا فيما عرف لاحقاً بالصومال البريطاني، وفي المقابل بدأ الفرنسيون يبرمون اتفاقيات مع الصفر في خليج "يبوك" "جيبوتي اليوم" والإيطاليون تواجدوا في "عصب" على أثر اتفاقية أبرمها "جورزيب سابيتو" من شركة "روبا نبنو" الإيطالية، تبع ذلك رفع العلم الإيطالي في "عصب" عام 1870م.
صارت الصومال مطمعاً للاستعمار الفرنسي والبريطاني والايطالي، ومثار إغراء لجيرانها لأخذ حصتهم من الكعكة الصومالية الإستراتيجية. والنتيجة تقسيم الصومال إلى عدد أصابع اليد: فرنسا تستعمر الصومال الفرنسي (جيبوتي) عام 1884م وبرّيطانيا يستقر بها المقام في الإقليم الشمالي عام 1887م وايطاليا تحط رحالها على الجنوب في العام 1889م، وأخذت أثيوبيا إقليم أوجادين 1897م، فيما خضع جنوب شرق الصومال للسيطرة الكينية في العام 1924م.
وظل الاستعمار قابضاً على الصومال في أجزائه الثلاثة، فكانت النتائج تقسيم الصومال ونهب ثرواته علاوة على إعاقته وأبنائه عن الاستقرار، حاولت الحكومات التي سيطرت على الصومال، وكانت كلها تتميز بالضعف، وعدم توفر سمات الدولة، ولكن بعضها سعى إلى تجميع الشتات وبالتالي الدخول في حروب طاحنة بشأن إقليم "أوجادين" وإقليم "نفذ" مع كينيا فنتج عن ذلك اقتطاع أراضيه.
التعليقات
إرسال تعليقك