جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
شيخ شريف أحمد، هو رئيس المحاكم الإسلامية الصومالية وأبرز قادتها ويمثل وجهها المعروف جماهيريا، فمن هو الرئيس الصومالي شيخ شريف؟
شيخ شريف أحمد (42 عاما) هو رئيس المحاكم الإسلامية الصومالية وأبرز قادتها ويمثل وجهها المعروف جماهيريا وهو الذي تولى التصريحات الهامة وتلك التي تحدد مسار وتوجه المحاكم.
ولد شيخ شريف شيخ أحمد في 25يوليو/تموز 1964 في إحدى قرى منطقة مهداي على بعد 120 كلم إلى الشمال الشرقي من العاصمة مقديشو، في أسرة غلب عليها التصوف وهي مناطق قبيلة الإيغال التي ينتمي إليها.
التحق بالمدرسة الابتدائية والإعدادية في جوهر (90 كلم) شمال مقديشو، ودرس الثانوية العامة بمدرسة(الصوفي) التابعة لجامعة الأزهر والتي كانت تدرس باللغة العربية.
وعندما أكمل الثانوية العامة ذهب إلى السودان والتحق بجامعة كردفان في مدينة الدلنج ودرس هناك لسنتين، وسافر بعدها إلى ليبيا حيث تابع دراسته الجامعية في طرابلس وتخرج في كلية الشريعة والقانون بالجامعة المفتوحة عام 1998.
وعاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه لزيارة أسرته ثم انتقل إلى جوهر عام 2002، في الوقت الذي كانت حكومة عبدي قاسم صلاد حسن تسعى للسيطرة على مقديشو.
وعمل شيخ شريف مع محمد ديري، أمير الحرب وهو ينتمي إلى نفس عشيرته والذي كان مسيطرا على جوهر آنئذ، وذلك ضد صلاد حسن.
وعين رئيسا للمحكمة الإقليمية في جوهر وقد عارض في أكثر من مرة توجهات ديري الذي كان العضو الرئيسي في التحالف ضد الإرهاب.
ونتيجة لهذا الخلاف ترك شريف شيخ أحمد جوهر إلى مقديشو حيث بدأ التدريس في مدرسة جبة الثانوية، ومارس إلى جانب ذلك مهنة التجارة، وأسس مع شركاء محلا لصناعة وبيع الحلوى لينفق منه على معيشته.
نقطة التحول
التحول الفاصل الذي حدث في حياة شيخ شريف أحمد هو اختطاف أحد تلاميذه الصغار من أسرة ميسورة الحال في 2003 على يد أشخاص كانوا على علاقة بأمراء الحرب طالبوا بفدية كبيرة مقابل إطلاق سراحه، مما حدا بشيخ أحمد إلى التصميم على مواجهتهم.
وبدأ في تأليب الناس من أجل الأمن لأهالي الحي واهتدوا إلى التفكير في تأسيس محكمة شرعية وانتخبه الأهالي في غيابه رئيسا لها.
وقامت المحكمة التي عززت بمتطوعين من الحراس في إطلاق سراح الصبي وغيره من الذين اختطفوا، وتمكنت المحكمة من حفظ الأمن ومكافحة السرقات والسطو والسلب والنهب التي كانت تحدث بشكل مستمر.
وعلى غرار هذه المحكمة تكونت محاكم أخرى لمواجهة أمراء الحرب الذين توحدوا لمواجهة قوة المحاكم التي بدأت تسيطر على مناطق كثيرة في العاصمة، وكان السبيل الوحيد لذلك هو توحيد المحاكم أيضا واختير شيخ شريف ليترأس اتحاد المحاكم الإسلامية وهي الوظيفة التي يقوم بها اليوم.
فاز الزعيم الاسلامي المعتدل شيخ شريف احمد برئاسة الصومال يوم السبت وتعهد بانهاء الصراع في بلاده واحلال السلام مع الدول المجاورة مع نزاهة الحكم واقامة العدل.
وصفق اعضاء البرلمان وابتسم احمد ورفع ذراعيه عاليا بعد الفوز في الانتخابات في نحو الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0100 بتوقيت جرينتش) في تصويت اعادة خلال جلسة للبرلمان استمرت طوال الليل.
ويقول محللون ان احمد لديه افضل فرصة حقيقية بين كل المرشحين للرئاسة لتوحيد الصومال في ضوء جذوره الاسلامية ودعم البرلمان له وقبوله لدى الغرب. ولكن مصالحة الشعب الصومالي البالغ عدده عشرة ملايين نسمة ووقف 18 عاما من اراقة الدماء في الصومال مهمة شاقة حتى بالنسبة له.
وقاد احمد حركة المحاكم الشرعية التي اشاعت الاستقرار في مقديشو ومعظم جنوب الصومال في 2006 قبل غزو القوات الاثيوبية والاطاحة بالمحاكم الاسلامية من السلطة.
وقال احمد للبرلمان ان"الصراع في الصومال سيحل. اننا نحث اشقاءنا في الصراع المسلح على الانضمام لنا في صنع السلام."
وأضاف "سنحكم الشعب الصومالي بنزاهة وعدل ونرد له حقوقه."
وبعد اداء اليمين في فندق بجيبوتي صباح يوم السبت سيتوجه الرئيس الجديد الى اثيوبيا وهي نفس الدولة التي طاردته حتى فر من الصومال لحضور اجتماع قمة للاتحاد الافريقي.
ويعود بعد ذلك الى الصومال في محاولة لتشكيل حكومة وحدة وهذه هي المرة الخامسة العشرة منذ أن شاعت الفوضى في الصومال عام 1991.
وانتخب أعضاء البرلمان الصومالي في دولة جيبوتي المجاورة بسبب عدم الاستقرار في الصومال لكنهم يأملون بان يكونوا قد انتخبوا رجلا قادرا على عزل او ربما حتى ضم المتمردين المتشددين حتى اذا كانت هناك مجازفة بتفجر اعمال العنف على المدى القريب.
وعلى الرغم من انسحاب القوات الاثيوبية في وقت سابق من الاسبوع الماضي وعملية السلام التي تتم في جيبوتي بوساطة من الامم المتحدة والتي تهدف الى مصالحة الحكومة والمعارضة توعد مسلحون اسلاميون متشددون بزعامة جماعة الشباب بمواصلة القتال.
وقالت جماعة الشباب المدرجة على القائمة الامريكية للجماعات الارهابية الاجنبية قبيل الانتخابات انها ستبدأ حملة جديدة من هجمات الكر والفر ضد الحكومة مهما يكن من وصل الى الرئاسة.
وحث شيخ مختار روبو منصور وهو متحدث باسم الجماعة الجهاديين على الاستعداد في تصريحات له بعد أداء صلاة في بيدوة المقر السابق للبرلمان الصومالي والتي سيطرت عليها جماعة الشباب هذا الاسبوع.
وقال شيخ حسن يعقوب وهو متحدث باسم الجماعة بمدينة كيسمايو جنوب الصومال لرويترز اليوم "لا يجب دعم شيخ شريف وانتخابه في جيبوتي."
وقال احمد ان هؤلاء الذين يقاتلون لفرض التطبيق المتشدد للشريعة الاسلامية في كل انحاء الصومال قد اساءوا تفسير الدين وانه سيحاول تصحيح ذلك.
واضاف ان حكومته لن تتساهل إزاء أي انتهاك للسلطة أو الفساد ومعاملة الدول المجاورة باحترام.
ورحب أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة للصومال بالتصويت الذي جرى يوم السبت ودعا إلى التحلي بروح المصالحة.
وقتل خلال العامين الماضيين اكثر من 16 الف مدني وعدد غير معروف من المقاتلين خلال تمرد قاده اسلاميون ضد الحكومة وحلفائها العسكريين الاثيوبيين.
واضطر مليون شخص لترك ديارهم ويعتمد ثلث السكان على المساعدات الغذائية فيما تصفه وكالات الاغاثة بواحدة من اسوأ الازمات الانسانية في العالم.
ووفقا لنظام العشائر المعقد في الصومال فان أحمد الذي ينتمي لقبيلة هوية سيسعى الان الى تعيين رئيس وزراء من قبيلة دارود لضمان تمثيل الجماعات الكبيرة.
ويشكك صوماليون كثيرون في ان تؤدي عملية جيبوتي الى احلال السلام في نهاية الامر قائلين انه مهما يكن من سيتولى الرئاسة فانه سيواجه تهديدا كبيرا من قبل المتشددين وان انتخابات تجري في الخارج ستفتقر الى الشرعية.
وقال عبد القادر فرح وهو قيادي محلي في مقديشو لرويترز "يواجه شيخ شريف تحديا أمنيا من الشباب. لن يقيم هؤلاء الاسلاميون وزنا لهذه الانتخابات. ولن يحل أزمة الصومال ما لم يحظ بالدعم الكامل من المجتمع الدولي."
من ديفيد كلارك
التعليقات
إرسال تعليقك