جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
دولة حزب الله في لبنان ظهرت بوضوح في رد فعل حزب الله وحلفائه على القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بشأن اغتيال رفيق الحريري، كيف ذلك؟ وإلى أين تتجه لبنان؟
جاء رد فعل حزب الله وحلفائه على القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ليؤكد على حقيقة واضحة يسعى البعض للهروب منها، وتكاد تكون أهم أسباب الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان في الفترة الأخيرة، والتي جعلته يشرف عدة مرات على حرب أهلية.. وهذه الحقيقة أن لبنان به دولة أخرى غير الدولة الرسمية هي دولة حزب الله، وهذه الدولة لها جيش ووزارة داخلية واستخبارات وعلاقات خارجية مستقلة، وتستغل هذه الدولة ضعف الدولة اللبنانية الرسمية وضعف رئيسها؛ لفرض إرادتها والقيام بدور أكبر أحيانًا من دور الدولة الرسمية.
واتضح ذلك جليًّا في موقف حزب الله من الأزمة بالبحرين وانتقاداته للحكومة وادعاءاته بشأن اضطهاد الحكومة البحرينية للشيعة، وصمت الدولة اللبنانية على المستوى الرسمي وعدم استطاعتها تلجيم حزب الله، حتى إن المنامة وجدت نفسها تتعامل مع تصريحات حزب الله على أنها تعبر عن الموقف الرسمي وتوقف التعامل مع العمالة اللبنانية، وهي حالة فريدة من نوعها. ومع ذلك يجد حزب الله وحلفاؤه المبررات لاستمرارها معتمدين على الدعم الإيراني - السوري.
حزب الله تمكن في ظل احتمائه بالسلاح من تشكيل حكومة موالية له، رغم أنه مهزوم في الانتخابات الأخيرة ولا يملك أغلبية برلمانية, ووضع الأغلبية في مقاعد المعارضة بعد أن أسقط بعناده حكومة سعد الحريري التي كانت عقبة أمام التهرب من الالتزام بالقبض على المتهمين في قضية اغتيال رفيق الحريري، والتي كان يعرف حزب الله أنها ستوجه اتهاماتها لعناصره. قبل توجيه الاتهامات رسميًّا، حاول حسن نصر الله زعيم حزب الله أن يلقي بالاتهامات على الكيان الصهيوني، ويصف المحكمة بأنها ذراع للغرب، وأكد أنه لا توجد سلطة تستطيع أن تلمس أحدًا من عناصر حزبه، مهما وجه إليه من اتهامات.
وقد واصل نصر الله تحديه للمحكمة عقب القرار الذي وجه اتهامات لأربعة من عناصر الحزب, وأوضح نصر الله أنه لن يتم القبض على المتهمين ولو بعد 300 سنة، وواصل استهانته بالقرار رغم أن القضية تمثل محورًا مهمًّا عند الأغلبية التي تعرض زعيمها للاغتيال، ويواجه نجله الآن تهديدات بالقضاء على حياته.. فهل من الممكن أن يصدق أحد أن هناك دولة في لبنان بعد كل ذلك؟!
حلفاء حزب الله في لبنان أكدوا أنه لن يتم القبض على هذه العناصر، وأن على الغرب وأجهزة الأمن أن تنسى هؤلاء المتهمين. وأشار نبيه بري زعيم حركة أمل الشيعية ورئيس مجلس النواب أن المتهمين غادروا لبنان منذ فترة طويلة، وأنه لا يمكن العثور عليهم.
موقف حكومة ميقاتي الموالية لحزب الله لم يكن أفضل حالاً، فقد جاءت لكي توقف إجراءات المحاكمة وإطلاق يد حزب الله في البلاد ليفعل ما يشاء، ويحدد الاتجاه الذي تسير فيه لبنان، وهو ما ينذر بمخاطر كبيرة؛ لأن وجود مليشيات مسلحة لطائفة معينة في بلد متعدد الطوائف يغري الآخرين بتكوين مليشيات مسلحة، خصوصًا مع غياب سلطة الدولة. ولبنان ذاقت مرارة الحرب الأهلية لسنوات طويلة أدت إلى خراب ودمار كبيرين, وإصرار حزب الله على تحدي السلطة الرسمية وإضعافها سيؤدي حتمًا لصدامات شرسة.
هناك مناوشات سابقة شهدتها بعض المناطق بين السنة والعلويين الموالين لحزب الله، وهي مرشحة للتصاعد في وقت يعيش فيه النظام السوري أكبر حلفاء حزب الله لأزمة شديدة تهدده بالرحيل، وسيضعف ذلك حتمًا من موقف حزب الله وقدرته على المناورة؛ لذا يسعى الحزب لتخفيف الضغط على سوريا بنقل بعض المعارك داخل لبنان باتهام بعض الأحزاب اللبنانية بالوقوف وراء ما يجري في سوريا، وهو إشعال لمزيد من الحرائق الطائفية والسياسية في لبنان لمصلحة الخارج.
ما يجري في لبنان لا يصنع غالبًا في لبنان ولكن تتحمله لبنان وشعبها، وما زالت لبنان تدفع فواتير خلافات إيران مع الغرب ومطامعها في الشرق، ولا تعدو قضية اغتيال الحريري أن تكون حلقة ضمن هذه الحلقات.
المصدر: موقع المسلم.
روابط ذات صلة:
- موقفنا من حزب الله بقلم د. راغب السرجاني
- قصة حزب الله 1-3 بقلم د. راغب السرجاني
- قصة حزب الله 3-3 بقلم د. راغب السرجاني
- إلى متى يظل لبنان رهينة حزب الله ؟
- الدمار للبنان والشهرة لحزب الله
- بئست المقاومة وبئس المقاومون !
- نصر الله المصري ونصر الله السوري !
التعليقات
إرسال تعليقك