السودان عظة التاريخ ومفترق الطريق مقال بقلم الدكتور محمد العبدة, يؤكد فيه على أهمية وحدة السودان وخطورة انفصال جنوب السودان عن شماله
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
كان رسول الله يحب العبد النافع، وكان يمدحه ويثني عليه؛ وذلك إلى درجة أن جعله أحب الناس إلى الله, فصار نفعُ الناس بذلك سُنَّة نبوية رائعة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ العبد النافع للناس، والنافع للأرض، وكان يمدحه ويُثني عليه؛ وذلك إلى الدرجة التي جعله فيها أحبَّ الناس إلى الله؛ فقد روى الطبراني -وقال الألباني: حسن- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ..".
فصار نفعُ الناس بذلك سُنَّة نبوية رائعة، وضرب لنا أمثلة عدَّة لذلك في حياته صلى الله عليه وسلم، فحضَّ مثلاً على العلم بشرط أن يكون نافعًا، فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ".
وضرب كذلك أمثلة أخرى جميلة يمكن أن ننفع بها الناس، ففي رواية الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ".
فهذه كلها صور راقية جدًّا لنفع الناس، وضرب أمثلة أخرى كثيرة؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الإِيمَانُ بِاللهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ". قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: "تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ".
ونلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم لم يَسْتثنِ أحدًا من أداء سُنَّة نفع الناس، حتى لو كان هذا النفع هو مجرَّد إيقاف الضرر والشرِّ عن الناس! فما أعظم هذه السُّنَّة! وما أنفعها في الدنيا والآخرة!
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
هذا المقال من كتاب إحياء 354 سنة للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك