يُقْعِد المرضُ الإنسان عن أداء كثير من واجباته، فيصاب بالهم، وقد يدفعه إلى الحاجة والفاقة؛ فكانت سُنَّة رسول الله سؤال الله المعافاة في بدنه
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
من أعظم نعم الله علينا نعمة الطعام! وكثير يعدون طعامهم من المسلمات؛ لهذا كانت سُنَّة الحمد بعد الطعام بصيغ متعددة منها هذا الخطاب الخاشع لله
مِن أعظم نعم الله علينا نعمة الطعام! وإن كثيرًا من الناس ليعتبرون طعامهم من المسلَّمات التي لا تستحقُّ حمدًا خاصًّا، أو يُعِدُّون الطعام شيئًا بسيطًا لا يستوجب الحمد، والأمر في الحقيقة خلاف ذلك؛ ولقد حَذَّر الله عز وجل عباده من جحود نعمة الطعام؛ فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112]، فكان الجوعُ عقابًا لـمَنْ لم يُقَدِّر نعمة الشبع؛ لهذا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله عقب الانتهاء من الطعام مباشرة، وكان يُعْلِن هذا الحمد حتى يُذَكِّر به أهل بيته والآكلين معه، وحتى يُذَكِّر نفسه كذلك بفضل الله عليه؛ وكانت له صلى الله عليه وسلم صيغ متعدِّدَة في هذا الحمد؛ وكان منها ما رواه البخاري عَنْ أبي أمامة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا".
وغير مَكْفِيٍّ أي غير محتاج لخلقه؛ بل هو الذي يكفيهم، وغير مُوَدَّعٍ أي غير متروك؛ بمعنى أنني لن أترك حمدك أبدًا، وهذا خطاب خاشع لله عز وجل يُعَبِّر عن امتنان العبد له سبحانه إذ أنعم عليه بالطعام، فلْنحرص عليه، ولْنتدبَّر في معانيه التعبُّدِيَّة، فإن فيه من الخير ما فيه.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
هذا المقال من كتاب إحياء 354 سنة للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك