سعد بن الربيع, الأنصاري الخزرجي البدري, أحد نقباء الأنصار, آخى النبي بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، استشهد في غزوة أحد 3هـ, فما أثر الرسول في تربيته؟
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
يقع الإنسان في أزمات كثيرة أثناء رحلة حياته، وعندها يلجأ إلى الله عز وجل، والله عز وجل لا يكره من عباده هذا السلوك؛ إنما يكره لهم أن يذكروه عند الشِّدَّة
يقع الإنسان في أزمات كثيرة أثناء رحلة حياته، وعندها يلجأ إلى الله عز وجل، والله عز وجل لا يكره من عباده هذا السلوك؛ إنما يكره لهم أن يذكروه عند الشِّدَّة فقط، ثم ينسونه عند كشف الضُّرِّ؛ فقد قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يونس: 12]، والله عز وجل يحبُّ للعبد في مثل هذه المواقف الشديدة أن يُعاهده على الطاعة أبدًا، في الرخاء والشِّدَّة، وفي العسر واليسر؛ لذا فمن الجميل أن يذكر العبد في وقت شِدَّته أنه في يوم من الأيام كان طائعًا لله بلا هوًى ولا مصلحة؛ إنما كان يُطيعه حبًّا له، ورغبة في ثوابه، وكأنه يقول لله: كنت طائعًا لك بالأمس في رخائي قبل شِدَّتي، وسأكون طائعًا لك غدًا بعد انفراج الأزمة؛ ومن هنا جاءت سُنَّة التوسُّل في الدعاء عند الكرب بالأعمال الصالحة السابقة، وكيفيتها أن يسأل العبدُ اللهَ تفريج الأزمة بحقِّ العمل الصالح الذي فعله يوم كذا أو كذا، ولم يكن وقتها في شِدَّة، إنما كان يفعله فقط مخلصًا لله عز وجل؛ فقد روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ..».
ثم ذكر كلُّ رجل من الثلاثة عملًا صالحًا مخلصًا فعله في وقت رخائه ويُسْرِه، وكانت الصخرة تنفرج تدريجيًّا مع كل توسُّلٍ يُقدمونه بين يدي ربهم، حتى انتهى الثلاثة من ذكر أعمالهم الصالحة؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «.. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ».
فهذه سُنَّة نبوية جميلة تعرض أسلوبًا مهذَّبًا في الدعاء؛ حيث يُؤَكِّد العبدُ لله عز وجل أنه لا يكتفي بالعبادة وقت الأزمات فقط، إنما هو على العهد؛ قبل وأثناء وبعد الأزمة، ونسأل الله أن يُفَرَّج همومنا جميعًا.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
هذا المقال من كتاب إحياء 354 سنة للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك