ملخص المقال
في قرية الشوبك الغربي التابعة لمحافظة الجيزة بمصر وُلِد عبد الوهاب عزام في 28 من محرم 1312هـ/ أغسطس 1894م
مولده وتعليمه
في قرية الشوبك الغربي التابعة لمحافظة الجيزة بمصر وُلِد عبد الوهاب عزام في 28 من محرم 1312هـ/ أغسطس 1894م، وحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالأزهر، وبعد أن نهل منه التحق بمدرسة القضاء بالشرعي، وتخرَّج فيها أول زملائه سنة 1339هـ/ 1920م فاختير مُدرِّسًا بها.
ولم يقف طموحه عند هذا الحد من التعليم، بل سارع إلى الالتحاق بالجامعة الأهلية، ونال منها شهادة الليسانس في الآداب والفلسفة سنة 1342هـ/ 1923م.
اختير عبد الوهاب عزام في السنة التي تخرج فيها في الجامعة إمامًا في السفارة المصرية بلندن، وكان ذلك الإجراء متبعًا في السفارات المصرية في ذلك الوقت، وانتهز عبد الوهاب هذه الفرصة للمعرفة، فالتحق بمدرسة اللغات الشرقية بجامعة لندن، وكان يزامله في الدراسة العالمان الجليلان "محمد مهدي علام" و"حامد عبد القادر" عضوا مجمع اللغة العربية، ونال منها درجة الماجستير بأطروحته عن التصوف عند فريد الدين العطار سنة 1347هـ/ 1928م.
عودته للقاهرة
وبعد عودته إلى القاهرة عُيِّن مدرسًا بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وفي أثناء عمله حصل على الدكتوراه بأطروحته (شاهنامة الفردوسي) في الأدب الفارسي سنة 1351هـ/ 1932م، وظل يعمل في الكلية حتى أصبح رئيسًا لقسم اللغة العربية واللغات الشرقية، ثم عميدًا للكلية في سنة 1365هـ/ 1945م.
ثم ترك العمل الجامعي وانتقل إلى العمل الدبلوماسي فعمل وزيرًا مفوضًا لمصر في المملكة العربية السعودية سنة 1367هـ/ 1947م، ثم سفيرًا لمصر في باكستان سنة 1370هـ/ 1950م، ثم عاد ليعمل سفيرًا لمصر في السعودية، ثم اختارته السعودية ليؤسِّس جامعة الرياض ويديرها، فظل بها حتى لقي ربَّه.
وإلى جانب هذه الوظائف الرفيعة شغل عدة مراكز علمية، فكان عضوًا بالمجلس الأعلى لدار الكتب، واختير عضوًا عاملاً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1366هـ/ 1946م، وعضوًا مراسلاً بالمجمعين العلمي العربي بدمشق وبغداد[1].
أخلاقياته
لقد كان عبد الوهاب عزام مكافحًا، لم يتشدق بالثقافة والمنصب وأعلى الدرجات العلمية، ولكن خُلُق الإسلام قد أكسبه تواضع الزاهدين، وهدوء الباحثين، فكانت مسيرته تدعو إلى الخُطَّة المُثلى في دنيا الخلق، كما كانت منارة مُشِعّة تمزِّق الحوالك في دنيا الظلمات[2].
إنتاجه العلمي
كان عبد الوهاب عزام عميق الثقافة العربية والإسلامية والأدبية؛ حيث درس بالأزهر دراسة منظمة، واطَّلع على الثقافة الأوربية، فقد كان يجيد الإنجليزية والفرنسية، ووقف على أدب الشعوب الإسلامية، فقد كان متمكنًا من الفارسية والتركية والأردية ينقل عنها إلى العربية، وأتاحت له رحلاته المتعددة إلى كثير من دول العالم واتصاله بأدبائها أن يضيف إلى أدبه زادًا قويًّا وتجارب غنيَّة وفكرًا عميقًا.
ومن أشهر ما كتب سلسلة مقالات كتبها لمجلة الرسالة الغرَّاء بعنوان "أمم حائرة"، تناول فيها الأسرة والمدرسة والمرأة والعدل والحضارة الغربية.
وله كتاب (النفحات) خصَّه بالحديث عن رمضان وروحه النَّدِيَّة ومعانيه السامية، وجمع فيه خطرات نفسه، وسانحات فكره، وقصائد من شعره، يربطها كلها فتدور حول رمضان.
مواقف من حياته
كان عزام داعية إلى تحقيق الأخوة الإسلامية، وإعادة الصلة الوثيقة بين الأمة العربية والعالم الإسلامي بعد أن تعالت الأصوات للفصل بينهما، ودراسة أدب الشعوب الإسلامية؛ فاتجه إلى شعر محمد إقبال شاعر باكستان ونقل بعض دواوينه من الفارسية إلى العربية، وكان به كَلِفًا ومعجبًا، وهذه الدواوين هي: ديوان الأسرار والرموز، وبيان مشرق، وضرب الكليم.
بحوثه وكتبه
لعبد الوهاب عزام دراسات وبحوث في التاريخ والتصوف والأدب، فكتب عن المتنبي شاعر العربية الكبير دراسة بعنوان (ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام)، ودرس شخصية المعتمد بن عبَّاد أحد ملوك الطوائف الأندلسي فكتب عن مأساته، وله دراسة عن محمد إقبال والأدب الفارسي.
وله مجموعة بحوث في اللغات الشرقية، قدَّمها إلى مجمع اللغة العربية بالقاهرة عن الصلات بين اللغة العربية واللغات الإسلامية، والألفاظ الفارسية والتركية في اللغة العامية المصرية، والألفاظ العربية في اللغات الإسلامية غير العربية وغيرها[3].
وشارك في تحقيق التراث العربي فنشر (الشاهنامة) التي نقلها البنداري إلى العربية، وحقق ديوان المتنبي، واشترك مع آخرين في تحقيق كتاب (الورقة) لـ"محمد بن الجرَّاح"، و(مجالس الصاحب بن عبَّاد).
يُذكر له أنه خاض معركة فكرية مع عبد العزيز فهمي باشا عضو مجمع اللغة العربية، حين تقدم باقتراح يقضي باستعمال الحروف اللاتينية مكان الحروف العربية، فانبرى له عزام ودحض دعواه؛ لأنه كان يعلم خطورة دعواه، وما كان من أمر التراث الإسلامي في تركيا بعد إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الحروف العربية واستعمال الحروف اللاتينية بدلاً منها، وانتهت هذه المعركة برفض المجمع اللغوي لهذا الاقتراح، وقُضي على هذه الفكرة الخبيثة التي تريد إلغاء اتصال الناس بقرآنهم وسُنَّة نبيِّهم.
وفاته
وبعد أن ترك عزام خدمة الحكومة سفيرًا، انصرف إلى العبادة وبنى مسجدًا في حلوان جلس فيه للناس يفسِّر القرآن ويروي حديث رسول الله r، وكأنه يريد أن يجدِّد ما عرفته الثقافة الإسلامية من مجالس العلم التي كانت تعقد في المساجد، وانقرضت بعد ظهور المدارس والجامعات. وفي أخريات عمره عمل بالمملكة العربية السعودية مديرًا لجامعة الرياض التي أسسها، وظل هناك حتى لقي ربه في 8 من رجب 1378هـ/ 8 من يناير 1959م، وتم نقل جثمانه إلى القاهرة حيث دُفِن في مسجده بحلوان[4].
التعليقات
إرسال تعليقك