قررت سلطات ولاية شمال الراين بالمانيا إعداد برنامج يهدف إلى وقاية الأشخاص من الفكر السلفى ولمساعدة الراغبين فى الخروج عن التيار السلفى
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
عندما عاد رسول الله من رحلة الإسراء والمعراج بشر بلال بن رباح بجائزة كبيرة، فماذا رأى رسول الله لبلال بن رباح في الجنة؟
لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الوحيد الذي رأى له رسول الله صلى الله عليه وسلم مجْدًا في رحلة الإسراء والمعراج. كان هناك مجد عظيم لسيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه!
روى أحمد -بإسناد صحيح- عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: "لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، دَخَلَ الجَنَّةَ، فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ". فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: "قَدْ أَفْلَحَ بِلاَلٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا..."[1].
أي مجدٍ هذا الذي حقَّقه عبدٌ كان يُباع ويُشترى!
لقد تسامى هذا المجد وعلا إلى درجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرع إلى الناس يُبَشِّرهم، ويُبدي لهم عجبه وانبهاره في الوقت ذاته، فقال: "قَدْ أَفْلَحَ بِلاَلٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا..". ولم يقف انبهاره عند هذا البيان، إنما دعا بلالاً رضي الله عنه وسأله بشكل مباشر عن سِرِّ وجوده في الجنة!
روى الحاكم -وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يخرِّجاه- عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَدَعَا بِلاَلاً، فَقَالَ: "يَا بِلاَلُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ إِنِّي دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي". فَقَالَ بِلاَلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلاَّ تَوَضَّأْتُ عِنْدَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بِهَذَا" [2].
ولا يعني الحديث أن بلالاً يدخل الجنة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه من المعلوم يقينًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون أول الداخلين إلى الجنة من البشر كلهم؛ روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتِي بَابَ الجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ" [3].
فهذا مجزومٌ به؛ ولكن هذا يكون يوم القيامة، أما في الدنيا فقد أرسل الله روح بلال رضي الله عنه إلى الجنة لتكون في استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعلم بلال رضي الله عنه شيئًا عن ذلك إلا عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث فيه تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم، وحلاوة حديثه وملاطفته لأصحابه.
ولا يفوتنا أن نقول: ما أروع هذه الركعات التي سما بها بلال رضي الله عنه إلى هذه المكانة، ولقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه كلماتٍ تعليقًا على هذا الموقف يجدر بنا أن نقف عندها لنعرف عظمة الدين الذي صنع هؤلاء الرجال.
روى الطبراني -بسند رواته ثقات- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ فِي الجَنَّةِ سَمِعَ خَشْخَشَةً فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الْخَشْخَشَةُ؟ قَالَ: هَذَا بِلاَلٌ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: لَيْتَ أُمَّ بِلاَلٍ وَلَدَتْنِي وَأَبُو بِلاَلٍ، وَأَنَا مِثْلُ بِلاَلٍ[4].
فهذا هو الصديق رضي الله عنه الذي أعتق بلالاً من العبودية يومًا يتمنَّى أن يكون مكان بلالٍ ليحقِّق مجده الفريد!
ولقد ورد في كتب السنن موقف عمر وبلال رضي الله عنهما في كلام واحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الترمذي -وصحَّحه الألباني- عن بريدة رضي الله عنه، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا بِلاَلاً فَقَالَ: "يَا بِلاَلُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلاَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ. فَقُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". فَقَالَ بِلاَلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلاَّ تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ للهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بِهِمَا" [5].
كان هذان المشهدان من أروع ما أثلج صدور المؤمنين؛ حيث صارت الجنة واقعًا حيًّا لبعضهم، مع أنهم ما زالوا يعيشون في الدنيا.
_________________
[1] أحمد (2324)، وقال ابن كثير: إسناد صحيح ولم يخرجوه. انظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 5/27، 28، وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير قابوس وقد وثق، وفيه ضعف. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/300.
[2] الحاكم (1179)، واللفظ له، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[3] مسلم: كتاب الإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ"، (197).
[4] الطبراني: المعجم الكبير 22/137 (18214)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد 9/299، 300.
[5] الترمذي: كتاب المناقب باب في مناقب عمر بن الخطاب (3689) ، واللفظ له، وقال: حديث صحيح. وأحمد (23090)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح. وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي 3/510، 511.
التعليقات
إرسال تعليقك