الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه من المؤمنين كلَّ حذر ممكن لتأمين مكان المباحثات، ونجحوا بالفعل في الاختفاء عن أعين آلاف المشركين؛ ولكن كيف
أهم مقتطفات المقال
لكن هل يأتي زمانٌ لا تكون فيه حربٌ بين الحق والباطل؟ كلَّا، لا يُمكن؛ هي سنَّةٌ ماضيةٌ من سنن الله سبحانه وتعالى، ولذلك لم يمرَّ الأمر دون تنغيص ودون خطورة، لقد اكتشف المعاهدة شيطان، سبحان الله! شيطان حقيقي، وكان الشيطان بالطبع أتعس مخلوق عرف بهذه البيعة.
إنَّ الصدق الكامل في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي قلوب الأنصار المبايعين في بيعة العقبة الثانية المباركة، هو الذي كفل النجاح لهذه البيعة الفريدة، ولولا ذلك ما تمَّت وما اكتملت، ﴿لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب: 24]. إنَّهم صدقوا الله فصدقهم الله سبحانه وتعالى.
لكن هل يأتي زمانٌ لا تكون فيه حربٌ بين الحق والباطل؟ كلَّا، لا يُمكن؛ هي سنَّةٌ ماضيةٌ من سنن الله سبحانه وتعالى، ولذلك لم يمرَّ الأمر دون تنغيص ودون خطورة، لقد اكتشف المعاهدة شيطان، سبحان الله! شيطان حقيقي، وكان الشيطان بالطبع أتعس مخلوق عرف بهذه البيعة.
ويجب أن أقف وقفةً مع ما حدث من الشيطان في هذا اللقاء! فلقد سمع الصحابة أجمعون -بل سمع أهل مكة كلهم- صوت الشيطان وهو يصرخ فيهم محذِّرًا المشركين من إتمام بيعة العقبة الثانية، وقد وصلت المعلومة فعلًا إلى المشركين، وسنرى أنهم سيُقْبِلون في الصباح يسألون عن الخبر، وهذا الأمر العجيب يحتاج منَّا إلى تحليل!
أولًا: من الواضح أنَّ الحرب الدائرة بين الإنسان والشيطان حربٌ حقيقيَّةٌ يُقاتل فيها الشيطان قتالًا ضاريًا، وينتبه إلى كل تحرُّك من تحرُّكات المؤمنين، ويحمل الأمر كله محمل الجدِّ؛ ومن ثَمَّ فالمسلم الواعي لا ينبغي له أبدًا أن يغفل عن هذه الحرب، وقد حذَّرَنَا الله عز وجل مرارًا من عداء الشيطان؛ فقال في القرآن: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر: 6]، وقال: ﴿وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الزخرف: 62]، ومثال ذلك في القرآن كثير.
ثانيًا: الحرب التي يشنُّها الشيطان على المؤمنين هي حرب مادية ملموسة، يُمارس فيها الشيطان فنونًا من التخفِّي والتحايل يعجز البشر عن إدراكها وفهمها، ولقد ذكر لنا الله عز وجل أن الشيطان له القدرة على رؤيتنا بينما يعجز الإنسان عن رؤيته؛ فقال سبحانه: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: 27]، ويستطيع الشيطان في هذه الحرب أن يتمثَّل في شكل إنسان، كما ورد في مواقف كثيرة حكاها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم[1]، أو قابلها الصحابة بأنفسهم[2]، أو يمكن أن يُقَلِّد صوت إنسان[3]، ويُمارس بهذا الصوت لونًا من ألوان الحرب والصدِّ عن سبيل الله[4]؛ وذلك كما رأينا في الموقف الذي بين أيدينا، فالشيطان هنا تكلَّم بصوت إنسان، ولم ينتبه الصحابة إلى غرابة الصوت؛ إنَّما انتبهوا فقط إلى ارتفاعه، والذي سيفهمه الناس -في غياب الوحي- أنَّ هذا صوت إنسان فعلًا ولكنَّنا لا نراه، كأن يكون مختبئًا وراء جدار مثلًا، ولن يخطر على أذهاننا أنه شيطان! وكم من الإعانات المادية قدَّمها الشيطان لأوليائه، وكم من الثغرات كشفها الخبيث اللعين، وهي في النهاية حرب لن تقف إلا بزوال الدنيا؛ قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: 36-38].
ثالثًا: بهذا التصوُّر تُصبح الحرب بيننا وبين الشيطان صعبة للغاية! فالطرق والحيل التي يمكن أن يكشف بها الشيطان خطط المؤمنين لا حصر لها، والعون الذي يُمكن للشيطان أن يُقَدِّمه للمجرمين عونٌ غير محدود، فما المخرج من هذا المأزق؟! إنه ليس لنا من سبيل إلا بالاعتصام بربِّ العالمين، فهو الذي له القدرة الكاملة على إجارتنا وحمايتنا ونصرنا؛ ولذلك علَّمنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله عز وجل من الشيطان الرجيم بطرق مختلفة، كالمعوِّذات[5]، وآية الكرسي[6]، وقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم[7]. وغير ذلك من طرق[8]، كما أنَّ موالاة الله عز وجل واتباع أوامره تجلب لك بالتبعيَّة تأييد الله ونصره؛ قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس: 62]. وقد رأينا أنَّ الله عز وجل -في هذا الموقف السابق- قد كشف أوراق الشيطان، وبيَّن خططه للمسلمين، فانطلقوا إلى رحالهم قبل أن يأتي المشركون، وتمَّت البيعة الخطيرة بنجاح. نَعَمْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصحابة، وهو الذي عرَّفهم أن هذا شيطان؛ لكن الله عز وجل قادر على كشف حيل الشيطان بما شاء سبحانه، وسيظل سبحانه وتعالى يُعَرِّف المؤمنين الصادقين ألاعيب الشيطان وحيله؛ إنَّه -سبحانه- على كلِّ شيءٍ قدير!
رابعًا: لا ينبغي للموقف السابق أن يُرْعِب المؤمنين من كون الشيطان قادرًا على اكتشاف تدبيرهم وترتيبهم؛ بل على العكس، فإن التدبُّر في الموقف السابق يُطَمْئِن المسلمين إلى حقيقة لا ريب فيها؛ وهي أن الشيطان -في الحقيقة- ضعيف الحيلة! فلقد رأينا بعد أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين يُدَبِّرون أمر البيعة، ويُجَهِّزون لقيام دولة سيكون لها أثر هائل على حركة الإيمان في الدنيا، رأيناه -كالمسكين- لا يملك إلا أن يصرخ في أهل المنازل كي يمنعوا حدوث الأمر! أين جنودك أيها الخبيث؟ وأين قوتك الخارقة؟ وأين خداعك وإضلالك وإرهابك؟ إنه مسكين لا يملك إلا أن يستغيث بالمشركين كي يفعلوا شيئًا! قال تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا﴾ [الإسراء: 64، 65]، وقال مُصَرِّحًا بضعف الشيطان: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]؛ ولكن ينبغي لنا أن نلاحظ أنَّ هذا الضعف من الشيطان لم يُذْكَر إلا عندما قاتل المؤمنون «في سبيل الله»، فكان الله عز وجل معهم؛ ومن ثَمَّ أضعف سبحانه وتعالى كيدَ الشيطان.
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَذَعَتُّهُ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا، فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَبِّ ﴿هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ [ص: 35] فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا». ثُمَّ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: «فَذَعَتُّهُ: بِالذَّالِ أَيْ خَنَقْتُهُ، وَفَدَعَّتُّهُ مِنْ قَوْلِ اللهِ: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ [الطور: 13]: أَيْ يُدْفَعُونَ، وَالصَّوَابُ: فَدَعَتُّهُ، إِلَّا أَنَّهُ كَذَا قَالَ، بِتَشْدِيدِ العَيْنِ وَالتَّاءِ». البخاري: أبواب العمل في الصلاة، باب ما يجوز من العمل في الصلاة، (1152). وفي رواية: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، وَإِنَّ اللهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ...». البخاري: أبواب المساجد، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، (449)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل، (541).
[2] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ. فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ». فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ»؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: «مَا هِيَ؟» قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ». البخاري: كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جازَ، (2187).
[3] عَنْ سهيل بن أبي صالح، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى بَنِي حَارِثَةَ، قَالَ: وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا -أَوْ صَاحِبٌ لَنَا- فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ قَالَ: وَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَ هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ، وَلَكِنْ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ وَلَّى وَلَهُ حُصَاصٌ». مسلم: كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، (389). حصاص؛ أي ضراط، وقيل: الحصاص شدَّة العَدْوِ.
[4] عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ..» البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، (3116)، وفي رواية عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في غزوة أحد: «صَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ». أحمد (2609)، قال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. والحاكم (3163)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[5] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَتَانِ، فَتَعَوَّذُوا بِهِنَّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُتَعَوَّذْ بِمِثْلِهِنَّ» يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ. أحمد (17337). وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[6] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -فَذَكَرَ الحَدِيثَ-، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ». البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، (3101).
[7] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ». البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، (3108)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، (2610).
[8] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، (3119)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، (2691).
التعليقات
إرسال تعليقك