صور من حياة سعيد بن المسيب سيد التابعين وإمام الفقهاء السبعة، وبيان علمه وعمله وفقهه وموقفه من بني مروان وقصة تزويجه ابنته وجميل مناقبه
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
كَرِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن يصوموا في النصف الثاني من شعبان، وذلك حتى يشعروا بخصوصية الصيام في رمضان، فكيف كان هديه في ذلك؟ وكيف يمكن
لشهر رمضان قيمة خاصة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو الشهر الوحيد الذي ذُكِر في القرآن باسمه، وهو الشهر الذي نزل فيه القرآن؛ فقد قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: 185]، وهو الشهر الوحيد الذي افترض الله صيامه على المسلمين؛ لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يعطي المسلمون لشهر رمضان أهميةً خاصة تُشْعِرهم باختلافه عن غيره من الشهور؛ لذلك كَرِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن يصوموا في النصف الثاني من شعبان، وذلك حتى يشعروا بخصوصية الصيام في رمضان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ»[1]. وأيضًا عنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا»[2].
وقد يبدو لنا في هذا إشكالٌ؛ لأننا نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم معظم شعبان، فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: «.. وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا»[3]. وتفسير الأمر في رواية للترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ، إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ»[4].
فمعنى هذا أن المسلم الذي لا يعتاد على الصيام طول السَّنَة فلا ينبغي له أن يصوم النصف الثاني من شعبان، وذلك لكي يقدر على صيام رمضان دون إرهاق، ولِيَشعر بخصوصيته وأهميته؛ وأما المسلم الذي من عادته صيام الاثنين والخميس، أو الصيام بشكل عامٍّ فهذا يمكن أن يصوم في هذه الفترة، وبهذا تتوافق النصوص، ولا تعارض بينها والحمد لله.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}[النور: 54].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن ماجه: كتاب الصيام، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم (1651)، واللفظ له، وأحمد (9705)، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح. وابن حبان (3589)، وصححه الألباني، انظر: التعليقات الحسان 5/388.
[2] الترمذي: أبواب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان (738)، وقال: حسن صحيح. وأبو داود (2337)، والنسائي (2911)، وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود 7/101.
[3] مسلم: كتاب الصيام، باب صيام النبي ﷺ في غير رمضان، (1156).
[4] الترمذي: كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان (738)، وقال: حسن صحيح. وأحمد (10455)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح. وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع 2/1232.
هذا المقال من كتاب إحياء 354 سنة للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111.
التعليقات
إرسال تعليقك