التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كانت الدولة العثمانية دولة جهادية لا تُحارب إلا المحاربين لها من غير المسلمين، حتى جاء سليم الأول واجتاح دولة المماليك المسلمة وضمها لأملاكه.. فهل هذا
بعد أن سيطر السلطان سليم الأول على الموقف شرق الأناضول، وصارت جبهة الصفويين آمنة، ومِنْ ثَمَّ كان على السلطان أن يُفكِّر في الخطوة القادمة للدولة العثمانية، والواقع أن الخيارات أمامه كانت متعدِّدة، ومع ذلك أحسب أنه اختار أسوأها على الإطلاق! وهذا هو موضوع السطور القادمة!
الدولة العثمانية بعد الانتصار على الصفويين.. إلى أين؟!
كان لدولة عملاقة مثل الدولة العثمانية عشرات الملفَّات المفتوحة؛ فقضاياها، وأعداؤها، وحدودها، ومشاكلها، ومواردها، وأحلامها؛ كلُّ ذلك أكثر من أن يُحصى، وعلى القائد الحكيم أن تكون له رؤيةٌ واضحة، فيأخذ بلاده -في ظلِّ هذه المتغيِّرات الكثيرة- إلى الطريق الأصوب، وهذا يحتاج إلى توفيقٍ كبيرٍ من الله عزَّ وجل، كما يحتاج لدرايةٍ بعلوم الشريعة، والسياسة، والتاريخ، والواقع، فما هو الطريق الأمثل للدولة العثمانية في ظلِّ هذه الظروف؟
الاختيار الأول هو حسم مسألة الدولة الصفوية. إنَّ الضربات التي وجَّهها سليم الأول لهذه الدولة المتطرِّفة كانت موجعةً لكنَّها لم تكن قاتلة، فعلى الرغم من أفول نجم الشاه إسماعيل، وعلى الرغم من ضياع الأجزاء الغربية من الدولة الصفوية لصالح الدولة العثمانية، فإنَّ الإمبراطورية الصفوية ما زالت كبيرةً للغاية؛ فهي تضمُّ إيران بكاملها، بالإضافة إلى أجزاء من أذربيچان، وأرمينيا، والعراق، فضلًا عن غرب أفغانستان.
ومع ذلك فليست خطورة الدولة في مساحتها أو ثروتها، إنما في بقائها على مذهبها المتطرِّف الذي تُرغِم أتباعها على اعتناقه، وقد استقدمت لذلك علماء الشيعة من كلِّ مكان، خاصَّةً من جبل عامل بلبنان[1]، حيث المنبع الرئيس لهذا المذهب آنذاك. فخطورة الدولة على العثمانيين، بل على المسلمين جميعًا، كبيرةٌ للغاية، ولهذا يُعتبر خيار استمرار العمل ضدَّ هذه الدولة، واستكمال بعث الحملات إليها، أحد أهمِّ الخيارات في هذه المرحلة.
الاختيار الثاني هو الاستعداد لمواجهة القوى الكبرى التي برزت في غرب أوروبا في هذه الفترة... إن هذه الحقبة واكبت ظهور إمبراطوريات كبرى، يأتي في مقدِّمتها إسبانيا، والبرتغال، والنمسا، وهذه كلُّها إمبراطورياتٌ مؤثرةٌ في الدولة العثمانية، وغالبًا ما سيكون ميدان عملها في المرحلة القادمة نقاطَ التَّمَاسِ مع العثمانيين، وأهم هذه النقاط هي المجر المتداعية، فينبغي للسلطان سليم في هذه المرحلة أن يُثَبِّتَ أقدامه في شمال البلقان، ووسط أوروبا، وهذا يحتاج إلى بناء قلاع، وتوطيد جيوش، ونقل معدات، والأهم من ذلك استقرار لدى شعوب المنطقة في صربيا، ومقدونيا، والبوسنة، وألبانيا، والإفلاق، والبغدان؛ لأن هذه المناطق ستكون حلبة الصراع، أو تكون نقطة الانطلاق التي يتحرك منها الجيش العثماني إلى المجر وما بعدها.
هذا الكلام يحمل أهميةً أكبر عند النظر إلى الأحداث التاريخيَّة المتطوِّرة في سنة 1516م. في يناير من هذه السنة مات فرديناند الثاني Ferdinand II ملك إسبانيا[2]، فصار شارل خنت Charles Ghent، حفيده من ابنته چوانا Joanna، ملكًا لإسبانيا تحت اسم شارل الأول، وحيث إن شارل خنت هو حفيد الإمبراطور النمساوي ماكسيميليان الأول Maximilian I من جهة الأب، فإنه سيكون إمبراطور النمسا كذلك بعد موت جده، وكان أبوه فيليب الأول هابسبورج Philip I Hapsburg قد مات قبل ذلك في عام 1506م.
هذا يعني أن موت ماكسيميليان سيجعل الوريث شارل خنت إمبراطورًا لإسبانيا والنمسا معًا، وهي إمبراطوريَّةٌ رهيبةٌ بهذا التصوُّر! ولقد حدث هذا بالفعل في عام 1519م، أي في عهد سليم الأول، ومات ماكسيميليان، وتلقَّب شارل خنت بشارل الخامس[3] (أي أن شارل الخامس في النمسا، هو نفسه شارل الأول في إسبانيا)، وصار مُلْكُه يضمُّ النمسا، وألمانيا، وشمال إيطاليا، وبوهيميا، وشرق فرنسا، وهولندا، وبلچيكا، وإسبانيا، وصقلية، ومملكة نابولي، وسردينيا، وعدَّة مقاطعات في شمال إفريقيا، بالإضافة إلى أجزاء ضخمة من العالم الجديد تشمل شمال شرق أميركا، وأميركا الوسطى! هذه هي أول إمبراطورية تحوز لقب «الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس»[4] The empire on which the sun never sets، وذلك قبل إنجلترا بأكثر من ثلاثة قرون! إن إمبراطوريَّةً بهذا الحجم لمفزعةٌ حقًّا! فإذا أضفنا إلى ذلك أمرين أدركنا الخطورة الآنيَّة للموقف؛ أما الأول فهو ضعف المجر جدًّا في هذا التوقيت، وتبعيَّتها للنمسا، وبالتالي فإن الخطوة القادمة للإمبراطورية المتوقَّعة ستكون حتمًا ضمَّ المجر عسكريًّا، وعندها ستلتقي حدود هذه الإمبراطورية والدولة العثمانية، وسيكون الصدام مروِّعًا، وأما الأمر الثاني فهو أن سقوط الأندلس لم يمر عليه إلا أربعةٌ وعشرون عامًا (1492م)[5]، وإسبانيا مشحونةٌ جدًّا ضدَّ المسلمين، بل مشحونةٌ ضدَّ الدولة العثمانية التي قصفت موانئها، وساعدت في نقل المدنيِّين المسلمين واليهود من إسبانيا إلى خارجها كما مرَّ بنا، فهي عدوٌّ مباشرٌ صريح العداء. إن جمع هذه الحقائق إلى جوار بعضها البعض يجعل اختيار التركيز على الاستعداد لمعارك كبرى في وسط أوروبا أولويَّةً كبرى للدولة العثمانية في هذه المرحلة.
الاختيار الثالث للدولة العثمانية هو العمل على ردع فرسان القديس يوحنا في رودس، وهو عملٌ ليس سهلًا، ويتطلَّب تفريغًا لقدرات الدولة. كان الفرسان -وهم تابعون للبابا بشكلٍ مباشر- يقومون بأعمال القرصنة على السفن المسلمة المارَّة بالبحر المتوسط، وكانوا يُمثِّلون عبئًا على الدولتين العثمانية والمملوكية معًا، بل كانوا يُهدِّدون حدود الدولة العثمانية بشكلٍ أخطر؛ إذ إن رودس لا تبعد عن شاطئ الأناضول العثماني سوى عشرين كيلو مترًا فقط أو أقل، وقد مرَّ بنا فشل السلطان الفاتح نفسه في فتح الجزيرة عام 1480م، ومنذ ذلك الحين -أي منذ ستة وثلاثين سنة حتى الآن- والدولة العثمانية عاجزةٌ عن حلِّ معضلة هذه الكتيبة الدينية، ولهذا فهي تأخذ أولويَّةً كبرى.
الاختيار الرابع للسلطان سليم الأول هو الاهتمام بالأوضاع الداخلية للدولة؛ فالدولة تُعاني من مشكلاتٍ ديموجرافية، بالإضافة إلى اضطراباتٍ اجتماعية واقتصادية مهمَّة. لقد وضَّحت إحصائيات السكان في الفترة من 1520م إلى 1530م أن نسبة السكان المسلمين في القسم الأوروبي من الدولة العثمانية تبلغ 18.8% فقط، بينما تصل نسبة النصارى إلى 80.7%، ونسبة اليهود 0.5%. هذه بلا شك مشكلةٌ تجعل انتماء الشعوب في هذه المناطق للدولة العثمانية الإسلامية ضعيفًا، ومهما تحدَّثنا عن سماحة الدولة وحسن معاملتها لرعاياها النصارى فإن انتماءهم لأيِّ قيادةٍ نصرانيَّةٍ جديدة سيكون متوقَّعًا، ويزيد من حجم المشكلة أن المسلمين ليسوا موزَّعين على الولايات الأوروبية بالتساوي، حتى يُصبح لهم تواجدٌ في كلِّ مكان، وتذكر الإحصائيات أن 85% من المسلمين موجودون في عشر مقاطعاتٍ فقط من المقاطعات الأوروبية؛ أهمها في أقصى شرق البلقان في مقاطعتي فيز Vise، وجاليبولي Gallipoli (تركيا الأوروبية الآن)، وفي سيلستراSilistra ، وشيرمين Chirmen (بلغاريا الآن)، بالإضافة إلى البوسنة[6].
إن هذا التواجد الهزيل للمسلمين يعني من جانب، قلَّة العوامل الجاذبة للهجرة من المناطق الأناضولية المسلمة إلى أوروبا النصرانية، كما يعني -وهذا أهم وأخطر- أن قوافل الدعوة وواجبات الدولة في تعريف الشعوب بالإسلام، لا تُنَفَّذ على الوجه الأكمل، أو لا تُنَفَّذ أصلًا! نعم لا إكراه في الدين، ولكن ينبغي على الأقل أن تصل الدعوة إلى الناس صحيحة، فنُعطيهم الفرصة المثلى للاختيار.
إن هذه الدعوة الطيِّبة هي التي جعلت الشعوب تدخل في دين الله أفواجًا دون إكراه في زمن الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، أمَّا قصور الدولة العثمانية في القيام بهذا الدور فهو الذي أدَّى إلى هذه النسب المعكوسة. لقد كانت شعوب مصر، والشام، وشمال إفريقيا، كلها نصرانية، وكانت شعوب العراق، وفارس كلها مجوسية، ثم لم يلبثوا إلا سنوات معدودات وقد صاروا في معظمهم مسلمين، فما بال الدولة العثمانية تحكم البلقان خمسة قرون ثم يظلُّ في معظمه نصرانيًّا؟! إن هذه النتائج تُبرز القصور الذي كانت عليه الدولة في طريقة إدارتها لهذه المسألة الدعوية المهمَّة، فضلًا عن أن آثارها السياسية والأمنية كبيرةٌ للغاية.
كان من الواجب على السلطان سليم الأول بعد أن اطمأنَّ إلى تحجيم الخطر الصفوي أن يلتفت إلى هذه الواجبات الشرعية، خاصَّةً في ظلِّ وجود دعوات التشييع التي يمكن أن تجد لها مرتعًا عند الناس في ظلِّ جهلهم بالإسلام الصحيح.
أضف إلى هذه المشكلة الديموجرافية عدَّة مشاكل اجتماعية نشأت في الدولة نتيجة الصراعات التي دارت حول العرش آخر أيام بايزيد الثاني، وكان لكلِّ مرشَّحٍ للحكم أنصارٌ ومؤيدون، ودارت حروب، وحيكت مؤامرات، ودُبِّرت دسائس، ولا شك أن كلَّ هذا ترك ظلاله على البناء المجتمعي للدولة، فكان لا بد من وضع برامج منظَّمة لإعادة التماسك مرَّةً ثانيةً بين أفراد الشعب الواحد.
ولا يخفى أن هذه المشكلات الاجتماعية، بالإضافة إلى حروب الصفويين، لا بد أن تكون قد أحدثت مشكلاتٍ اقتصاديةً كبرى، خاصَّةً أن سليم الأول كان قد أغلق أبواب التجارة مع إيران منذ ولايته ليخنق الصفويين اقتصاديًّا[7]، لكن هذا كان له أثرٌ مماثلٌ على التجار العثمانيين الذين عانوا من هذا الإجراء مثلما عانى الصفويون.
هذه اختياراتٌ أربعة كان من المتوقَّع لسليم الأول أن يختار واحدًا منها أو بعضها، ولكنه أعرض عن كلِّ ذلك واختار -دون مبرِّر عقلي أو شرعي- أن يجتاح دولة المماليك المسلمة ليضمَّها إلى أملاكه! إن هذا انحرافٌ كبير وشنيع في فكر الدولة العثمانية! لقد كانت الرؤية واضحةً عند السلاطين السابقين لسليم الأول -باستثناء بايزيد الأول- في هذه المسألة.
كانت الدولة العثمانية دولة جهادية في القرنين الأوَّلين من تاريخها لا تُحارب إلا المحاربين لها من غير المسلمين، وكانت كذلك دولةً تهتمُّ بالرؤية الشرعية، والسند الديني الصحيح لما تقوم به من أعمال. لكن ما فعله سليم الأول كان خروجًا تمامًا عن النَّصِّ العثماني الأصيل.
لقد سَالَم سليم الأول المحاربين من غير المسلمين، وحارب المسالمين من المسلمين! أيُّ تخبُّطٍ في الرؤية هذا؟! هل نترك الصفويين المنحرفين، والإسبان الحاقدين، والنمساويين والمجريين المعتدين، وفرسان القديس يوحنا الغادرين، ونُحارب المماليك الذين ما فتئوا يرفعون راية الإسلام عاليةً أمام التتار، والصليبيين، والبرتغاليين، وغيرهم من المتربِّصين بهذه الأمَّة؟!
هكذا قرَّر سليم الأول!
والحسابات دنيويَّةٌ بحتة. إن أملاك المماليك واسعة، وجيوشهم في حالة ضعفٍ الآن، وهم يُسيطرون على مكة، والمدينة، والقدس، ممَّا يُعطيهم مكانةً وزعامةً عند المسلمين، فليكن الغزو الذي يُحقِّق كلَّ «المصالح»! بلادٌ واسعةٌ غنيَّةٌ تدخل الدولة بأقلِّ مجهود، وزعامةٌ إسلاميَّةٌ تكفل اتِّباع الآخرين دون جدال، فليكن الغزو، ولو على أشلاء المسلمين من الطرفين! هكذا بهذه البرجماتيَّة الفجَّة!
ما الذي يحتاجه سليم الأول ليُحقِّق أطماعه التوسُّعيَّة؟!
إنه يحتاج إلى بعض الحجج الواهية التي يمكن أن يتشدَّق بها المدافعون عنه، كما يحتاج إلى بعض الفتاوى التافهة التي لا وزن لها عند العلماء الراسخين يُقْنِع بها العامَّة والجند حتى يستكمل مهمَّته القبيحة، و-أيضًا- يحتاج إلى بعض الخائنين المسلمين في الطرف المملوكي لتسهيل عملية إسقاط الدولة العظيمة: دولة المماليك! أمَّا الجانب العسكري فهو كفيلٌ به!
أمَّا الحجج الواهية فيمكن أن يُشاع مثلًا أن المماليك يُساعدون الصفويين، وأن هناك تعاونًا «سِرِّيًّا» بين الطرفين، وأن هناك رسائل متبادلة تمَّ الإمساك ببعضها تُشير إلى ذلك[8]، وقد يُسارع مؤرِّخٌ فيقول: نعم رأينا في أرشيف الدولة العثمانية هذا الخطاب! وينسى الجميع أو «يتناسون» أن فبركة مثل هذه الخطابات هي أيسر شيء، وأن الواقع التاريخي يُثبت أن دولة المماليك كانت على عداءٍ كبيرٍ -كالعثمانيين- مع دولة الصفويين، وأن خطر الشيعة العسكري عليها كان أكبر بكثيرٍ من خطر الدولة العثمانية، خاصَّةً بعد سيطرة الصفويين على العراق، وتهديدهم المباشر للشام، مع ذكريات الدول العبيدية (الفاطمية) في مصر. -أيضًا- ثبت أن اجتياح العثمانيين للمماليك لم يصحبه أيُّ عونٍ صفويٍّ للمماليك، ولم يذكر العلماء المعاصرون شيئًا عن هذه العلاقة الوهميَّة التي ادَّعاها سليم الأول!
ويمكن -أيضًا- أن يُقَال إن العثمانيين سيغزون المماليك لكي يُفْتَح لهم بابٌ لحرب البرتغاليين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويمكن أن تُدَغْدَغ مشاعر المسلمين بإشاعة أن البرتغاليين سيستهدفون المدينة المنورة، وينبشون قبر رسول الله ﷺ، وأن العثمانيين لا بد أن يجتاحوا المماليك، ويُبيدوا جيوشهم؛ كي يُنقذوا قبر الرسول ﷺ![9] ولم يقترح هؤلاء أن يفعل السلطان سليم كما فعل أبوه الصالح بايزيد الثاني من قبل عندما أمدَّ المماليك بخبراء في البحرية تُساعدهم في بناء أسطولٍ قويٍّ لمواجهة البرتغاليين، كما أمدَّهم بالأخشاب اللازمة لبناء السفن[10]، مع أن بايزيد كان في فترةٍ من حياته مقاتلًا للمماليك على الحدود، لكن إذا وصل الأمر إلى قتال البرتغاليين فإن التعاون بين المسلمين ألزم، وهذا الذي كان ينبغي لسليم الأول أن يفعله. نعم لم يكن بايزيد الثاني في كفاية ابنه وقدراته السياسية والعسكرية، ولكنَّه كان أخشى لله وأتقى له.
وعمومًا فإن المماليك بذلوا وسعهم في حرب البرتغاليين، وحقَّقوا عليهم عدَّة انتصارات في المحيط الهندي وخليج عدن، إلى أن هُزِموا في موقعة ديو Diu الشهيرة عام 1509م[11]، ويمكن مراجعة كتاب «تحفة المجاهدين» للشيخ أحمد زين الدين المليباري، وهو مؤرخ هندي معاصر للأحداث، ويصف الشجاعة الفائقة، والحميَّة الدينيَّة البارزة للمماليك في حرب البرتغاليين[12]، ولو كانوا يتلقُّون الدعم البحري المناسب من الدولة العثمانية لكان لهم شأنٌ آخر في هذه الحرب البعيدة عن بلادهم.
ويمكن أن تكون العلَّة هي أن العثمانيين جاءوا ليرفعوا الظلم عن مصر والشام[13]، على افتراض أن السلطان سليم الأول عادلٌ! بل يمكن ادِّعاء أن الشعوب المصرية والشامية هي التي استدعت الجيش العثماني لإنقاذها، وسوف يتم ذلك عن طريق رسالةٍ يكتبها خائنٌ للمماليك موالٍ للعثمانيين، ويمكن أن يُحتفظ بهذه الرسالة في الأرشيف كدليلٍ على قانونيَّة «الفتح العثماني» للبلاد المسلمة مصر والشام.
بل يمكن أن نختار حجَّةً أهون من كلِّ ذلك! فقد أشار الشيخ ابن كمال -وهو من أبرز العلماء والقضاة- على سليم الأول أن يطلب من قنصوة الغوري أن يسمح له بالمرور في أرضه بجيشه ليذهب إلى الحجِّ، وحتمًا سيرفض سلطان المماليك هذا المرور لخوفه من جيش العثمانيين، فيمكن أن يُقاتله حينئذٍ لأنه يمنعه من أداء الفريضة[14]! علمًا بأن السلطان سليم الأول لم يحج في السنوات الثلاث التي صارت مكة فيها تابعةً لدولته!
أمَّا الفتاوى الضعيفة فهي جاهزةٌ كذلك! أفتى له بعضهم بأن المماليك كفَّارٌ لأنهم ينصرون الكفار الصفويين، فيجوز قتالهم، وأفتى آخرون بأن الشعوب المصرية والشامية ينبغي أن تُجتاح لأنها تُزَوِّج فتياتها من المماليك «الكفار» بناءً على الفتوى التي قبلها! وفتوى أخرى مضحكة تقضي بأنه يجوز «إبادة» دولة المماليك لأنها تنقش الآيات القرآنية على عملاتها الفضية والذهبية، فيتداولها النصارى واليهود والملاحدة، ويدخلون بها الخلاء، وهذا من أعظم الخطايا[15]!
بل أفتى ابن كمال فتوى أعجب من كلِّ ما سبق، ولعلمي أنه لن يَفهم هذه الفتوى أحدٌ فإنَّني سأنقلها بنصِّها، وأترك للقارئ تقييم الوضع! قال ابن كمال وهو يخاطب السلطان وعلماء الدولة: قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105]، ثم قال: إن قوله تعالى (وَلَقَدْ) في قوَّة لفظ «سليم» بحساب الجُمَّل، فإنّ كلَّ واحدٍ من اللفظين عدده مائةٌ وأربعون، فتكون إشارة الكلام سليم، (كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ) من بعد عشرين وتسعمائة، (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا) لأن الذكر عدده دون أداة التعريف ما تقدَّم، والأرض في الآية الكريمة على قول كثيرٍ من المفسِّرين هي أرض مصر، والعباد الصالحون في هذا الوقت هم جنودك، إذ لا أصلح منهم من عساكر المسلمين في أقطار الأرض؛ لإقامتهم سُنَّة الجهاد وفتحهم أكثر البلاد النصرانية، وهم على مذهب أهل السنة والجماعة.
وغيرهم من عساكر البلاد: إمَّا ممَّن فسدت عقائدهم كأهل العراق وأكثر اليمن والهند، وإمَّا ممَّن ضعفت عزائمهم عن إقامة شعائر الإسلام كأهل المغرب، وإمَّا ممَّن استولت عليهم الدنيا كمصر! والحقُّ أن العلماء الذين حضروا هذا المجلس رفضوا هذا الطرح العجيب، وقالوا: إن هذا لا يكفي في إباحة قتل من لم يخلع يدًا من طاعة، ولا حارب أحدًا من المسلمين، وإن كانت الإشارة القرآنية تدل على أن هذا سيكون، فلا بد من إظهار وجهٍ تعتمده الفتوى الفقهيَّة. ومع ذلك فقد سُرَّ السلطان سليم الأول من الفتوى، ومنح ابن كمال منصب شيخ الإسلام[16]!
هكذا كانت تسير الأمور!
أمَّا البحث عن الخائنين فيسير! وجد السلطان سليم عدَّة رجالٍ من المماليك على استعدادٍ للتعاون مع الدولة العثمانية في مقابل مناصب يتولُّونها عند سقوط الدولة المملوكية، وكان أبرزهم ثلاثة؛ الأول هو الأمير جان بردي نائب حماة، والثاني هو خير بك نائب حلب، والثالث هو يونس بك أمير عنتاب. بدء خير بك عمله مبكرًا بإرسال رسائل إلى السلطان الغوري يُخدِّره بأن الجيوش العثمانية غير معنيَّةٍ بدولة المماليك، وأن استعداداتها كلَّها في اتجاه الصفويين[17].
اكتملت الإعدادات اللوجيستيَّة والإعلاميَّة، وجهَّز السلطان سليم الأول في اسكودار شرق إسطنبول جيشًا كبيرًا قوامه ستون ألف جندي، ومعه ثلاثمائة مدفعٍ متحرِّك[18]. تردَّد المراقبون في تحديد الوجهة النهائيَّة للحملة العسكريَّة. تحرَّك الجيش جنوبًا حتى وصل إلى مدينة البستان في 23 يوليو 1516م (خريطة رقم 24)، والبستان هي المدينة الفاصلة بين الحدود العثمانية والمملوكية، وانتظر الجميع هل سيتوجَّه السلطان سليم الأول بجيشه شرقًا إلى إيران لمحاربة الصفويين، أم جنوبًا إلى الشام لمحاربة المماليك. في اليوم التالي اخترق السلطان سليم الحدود المملوكية ليتَّضح هدف الحملة[19].
لم يكن السلطان الغوري مطمئنًّا للأخبار القادمة له من نوَّاب الشام، مع أنه لم يكن يشكُّ في ولائهم، ولذلك قرَّر الخروج بجيشه من مصر إلى الشام تحسُّبًا لدخول الجيش العثماني للحدود المملوكية، وترك مكانه في مصر ابن عمِّه الأمير طومان باي. كان الجيش المملوكي يبلغ ثمانين ألف جندي، لكنه كان بلا مدافع. اصطحب السلطان الغوري معه الخليفة العباسي المتوكل على الله، وكذلك رءوس المذاهب الفقهية الأربعة (قضاة القضاة)، وهم كمال الدين الطويل الشافعي، ويحيى الدميري المالكي، وأحمد الفتوحي الحنبلي، وحسام الدين بن الشحنة الحنفي، كما اصطحب -أيضًا- عددًا كبيرًا من العلماء، والوعَّاظ، ومشايخ القرَّاء، والمؤذِّنين[20].
جاء أمير عنتاب يونس بك إلى السلطان سليم الأول وسلمه مفاتيح المدينة دون مقاومة[21]. سقطت بذلك أهم مدينة في الطريق إلى الشام، وأصبح الجيش العثماني على بعد أقلَّ من مائة كيلو متر من حلب. وصل السلطان سليم إلى سهل مرج دابق على بعد أقلَّ من أربعين كيلو مترًا من حلب، وعبثًا حاول المماليك حلَّ الأمر عن طريق الدبلوماسيَّة، لكن السلطان سليم كان مُصِرًّا على الحرب[22]، ومِنْ ثَمَّ التقى الجيشان صبيحة يوم الرابع والعشرين من أغسطس عام 1516م، لتدور معركة مرج دابق الشهيرة[23].
بدأت المعركة في الصباح الباكر، وبعد لحظاتٍ من بدايتها انسحب جان بردي الغزالي نائب حماة، وخير بك نائب حلب، بفرقتيهما[24][25]، وانضمَّا إلى جيش العثمانيين! أحدث هذا خللًا واضحًا في الجيش المملوكي. حصدت المدفعية العثمانية آلاف المسلمين من المماليك. دارت الدائرة على المماليك، وفي أقلَّ من ثماني ساعات حقَّق الجيش العثماني نصرًا واضحًا[26]. قُتِلَ السلطان قنصوة الغوري في المعركة[27]، وأُسِر عددٌ كبيرٌ من رجاله، وكان من ضمن الأسرى الخليفة العباسي، وقضاة القضاة الشافعي، والحنبلي، والمالكي، بينما تمكَّن القاضي الحنفي من الانسحاب مع بقايا الجيش إلى القاهرةة[28].
دخل السلطان سليم حلب بعد الموقعة بأربعة أيام، وولَّى عليها قرة چه باشا[29]، ونظَّم أمور شمال الشام، وتفاوتت ردود الفعل عند العائلات الشامية، فمنهم من أيَّد العثمانيين، ومنهم من توقَّف انتظارًا لتطوُّر الأحداث. بعد أقلَّ من شهر انطلق السلطان سليم الأول إلى حماة، ثم حمص، وأخيرًا إلى دمشق، فدخلها بعد مقاومةٍ يسيرة في 10 أكتوبر 1516م[30]، وهكذا ضمَّ السلطان العثماني سورية كلها إلى الدولة العثمانية. في منتصف ديسمبر تحرَّك الجيش العثماني إلى فلسطين، وانتصر هناك في معركةٍ سريعةٍ على حاميةٍ مملوكيَّةٍ صغيرة في خان يونس، ثم أكمل طريقه في يناير 1517م صوب مصر عبر صحراء سيناء[31].
كان على ولاية المماليك السلطان الجديد الأشرف طومان باي، وكان في الثامنة والثلاثين من عمره، وكان محبَّبًا للعوام؛ لأنه كان ليِّن الجانب، قليل الأذى، غير متكبِّر[32]، وأحسب أنه لو كان يحكم المماليك في غير هذه الظروف لكان له شأنٌ كبيرٌ في التاريخ. حصَّن طومان باي مدينة القاهرة جيِّدًا، وأعدَّ جيشًا قوامه عشرين ألف مقاتل[33]، وأقام عدَّة تحصيناتٍ شمال شرق القاهرة في منطقةٍ تُسَمَّى «الريدانية» (حي العباسية في القاهرة الآن)، وانتظر الجيش العثماني هناك.
في يوم 22 يناير 1517م وصل الجيش العثماني إلى الريدانية، ودارت معركةٌ حامية الوطيس لعبت فيها المدفعية العثمانية دورًا كبيرًا[34] حيث كانت حركتها سهلة، ومناوراتها مرنة، بعكس المدافع المملوكية القديمة نسبيًّا التي كانت تصلح للقلاع، وليس لها القدرة على المناورة في الميادين المفتوحة. أبدى السلطان طومان باي إقدامًا فائقًا[35]، وكان كما وصفه ابن إياس شجاعًا بطلًا، وقد وصل بنفسه إلى خيمة السلطان سليم، وقَتَل رجلًا حسبه السلطان العثماني، ولكنه كان الصدر الأعظم سنان باشا[36].
دارت الدائرة على المماليك تمامًا كما حدث في مرج دابق، وحدثت فيهم مقتلةٌ عظيمة، حيث فقدوا في الريدانية فقط خمسة وعشرين ألف مقاتل[37]، وانسحب السلطان طومان باي، واستطاع الجيش العثماني أن يدخل القاهرة، وحدثت مقتلةٌ أخرى داخل المدينة[38]. لم ييأس السلطان طومان باي فانسحب بفرقةٍ من المماليك خارج القاهرة، وقام في خلال الشهور الثلاثة التالية بخمس حملاتٍ عسكريَّةٍ على الجيش العثماني لم يكن له فيها نصيبٌ من الفوز[39]، ثم هُزِم في السادسة هزيمةً كبيرةً شمال الجيزة، وذلك في أوائل أبريل 1517م[40].
فرَّ السلطان طومان باي، واختبأ عند صديق له يُدْعى الشيخ حسن مرعي، لكن الصديق غدر به ودلَّ عليه العثمانيين، فأُسِر[41]، وأُحضِر إلى السلطان سليم الذي أعجب بشجاعته، وحسن منطقه وحُجَّته، فكاد يحفظه من القتل، لولا تشجيع الخائنَيْن جان بردي، وخير بك، على قتله؛ لغلق ملفِّ دولة المماليك نهائيًّا، فأمر في النهاية بشنقه على باب زويلة[42]، وتمَّ ذلك في 13 أبريل 1517م[43]؛ ليسقط بذلك آخر سلاطين المماليك، وخسرت الأمَّة الإسلاميَّة رجلًا شريفًا اتَّصف بالعدل، والشجاعة، والحلم، وكثرة الخير[44]. وهكذا سقطت دولة المماليك العريقة بشكلٍ نهائيٍّ بعد قرابة ثلاثة قرون من الحياة.
كانت المقاومة التي تعرَّض لها الجيش العثماني في القاهرة هي المقاومة الأخيرة لمصر كلِّها؛ فقد أيقن الجميع أن القُطْر كلَّه صار في حوزة العثمانيين، خاصَّةً بعد وصول الأسطول العثماني بإمداداتٍ جديدةٍ إلى الإسكندرية في مايو 1517م[45]. مكث السلطان سليم الأول في مصر إلى شهر سبتمبر 1517م[46]، وفي خلال هذه المدَّة قام بعدَّة أعمالً مهمَّة؛ منها زيارة الإسكندرية وبعض مدن الدلتا، ومنها التقسيم الإداري للقُطر، ومنها اختيار الوالي لمصر، وكان في البداية تركيًّا، لكن في أغسطس 1517م، وفي أثناء وجود السلطان، عُيِّن خير بك المملوكي واليًا على مصر[47] نظير مساعداته التي قدَّمها للجيش العثماني في حرب المماليك!
لم تكن القيادة العامَّة لإقليم مصر فقط مملوكيَّة، بل كانت القيادات الفرعيَّة كذلك مملوكيَّة؛ فسنجق (محافظ) القاهرة مملوكي، وكذلك سناجق كلِّ المحافظات، و-أيضًا- أمراء الثغور البحرية الثلاثة: الإسكندرية، ودمياط، والسويس، بالإضافة إلى وزراء الماليَّة والحج.
فقط ترك السلطان سليم الأول في مصر حاميةً عسكريَّةً من اثني عشر ألف مقاتل تركي، مقسَّمةً إلى ستِّ فرق، وموزَّعةً على أماكن مختلفة في الإقليم[48]. هذا النظام الإداري الذي وضعه سليم يعني أن مصر أخذت شكل «الإمارة التابعة» التي تعتمد في إدارتها كليًّا على نظامها المملوكي القديم، برجاله، ومؤسَّساته، وعلاقاته. ستستفيد الدولة العثمانية من هذا النظام في أنه سيرفع عن كاهلها عبء إدارة هذا البلد الكبير، وفي الوقت نفسه ستأخذ الدولة العثمانية خراج البلد سنويًّا، بالإضافة إلى الاستعانة بقوَّتها العسكرية عند الحاجة، فضلًا عن الاطمئنان إلى جانب هذا القطر القوي الذي صار تابعًا بدلًا من أن يكون منافسًا.
هل كان هذا الوضع في صالح القطر المصري؟!
الحقُّ أن الإجابة ستكون بالنفي! لقد فُصِلَت مصر بذلك عن بؤرة اهتمام الدولة العثمانية، وصارت إقليمًا «تابعًا» وليس جزءًا من الوطن الأم، وبالتالي صار دورها مقتصرًا على توريد المال والثمار إلى خزينة الدولة العثمانية، بينما ظلَّ الوضع سياسيًّا، واجتماعيًّا، واقتصاديًّا، ودينيًّا، كما كان في أيام دولة المماليك، بل أسوأ! لأن المماليك في زمن دولتهم كان عندهم الطموح للريادة، والزيادة، والتفوُّق، بينما صاروا في عهد العثمانيين تابعين لا قادة، وشتَّان بين الدوافع! أمَّا الشعب المصري، فكان على حاله! إذ إنَّه لم يكن له مكانٌ في قيادة الدولة ولا إدارتها، لا في زمن المماليك، ولا العثمانيين، ولا قبل ذلك، ولا بعده، ولم تعرف مصر قيادةً لها من أهلها إلا بعد هذه الأحداث بأكثر من خمسمائة سنة! وهذا لا شك أحدث من الآثار السلبيَّة ما لا يمكن حصره في هذا المضمار![49].
[1] Nasr, Vali: The Shia Revival: How Conflicts within Islam Will Shape the Future, W. W. Norton & Company, New York, USA, 2006., p. 66.
[2] إيڤانوڤ، نيقولاي: الفتح العثماني للأقطار العربية 1516 – 1574، راجعه وقدم له: مسعود ضاهر، نقله إلى العربية: يوسف عطا الله، دار الفارابي، بيروت، الطبعة الأولى، 1988م.صفحة 101.
[3] Givens, Bryan: ‘All things to all men’: political messianism in late medieval and early modern Spain, In: Liang, Yuen-Gen & Rodriguez, Jarbel: Authority and Spectacle in Medieval and Early Modern Europe: Essays in Honor of Teofilo F. Ruiz, Routledge Taylor & Francis, New York, USA, 2017., p. 62.
[4] Pagden, Anthony: Peoples and Empires: A Short History of European Migration, Exploration, and Conquest, from Greece to the Present, Random House Publishing Group, Toronto, Canada, 2007., p. 58.
[5] السرجاني، راغب: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، الطبعة الثامنة، 2014م. صفحة 562.
[6] شوجر، بيتر: أوروبا العثمانية 1354 – 1804، ترجمة: عاصم الدسوقي، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1998م.صفحة 68.
[7] McCaffrey, Michael J.: «ČĀLDERĀN»، Encyclopaedia Iranica, 1990., pp. 656–658.
[8] شيمشيرغيل، أحمد: سلسلة تاريخ بني عثمان، ترجمة: عبد القادر عبداللي، مهتاب محمد، ثقافة للنشر والتوزيع، أبو ظبي-بيروت، الطبعة الأولى، 1438هـ=2017م.الصفحات 3/150، 151.
[9] أمجن، فريدون: مولد الإمارة العثمانية ونموها، ضمن كتاب: إحسان أوغلي، أكمل الدين: الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، ترجمة: صالح سعداوي، مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، إستانبول، 1999م.صفحة 1/33.
[10] هايد، ڨ.: تاريخ التجارة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى، مراجعة وتقديم: عز الدين فودة، ترجمة: أحمد رضا محمد رضا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م.صفحة 1/34.
[11] Guilmartin, John F.: The Military Revolution: Origins and First Tests Abroad, In: Rogers, Clifford J.: The Military Revolution Debate: Readings On The Military Transformation Of Early Modern Europe, Routledge Taylor & Francis Group, New York, USA, 2018., pp. 313–316.
[12] المليباري، (دون سنة طبع) الصفحات 251-255.
[13] أمجن، 1999 صفحة 1/33.
[14] العياشي، عبد الله بن محمد: الرحلة العياشية 1661-1663م، حققها وقدم لها: سعيد الفاضلي، سليمان القرشي، دار السويدي للنشر والتوزيع، أبو ظبي، الطبعة الأولى، 2006م.صفحة 2/32.
[15] سامي، أمين: تقويم النيل، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2009م.الصفحات 2/2، 3.
[16] العياشي، 2006 الصفحات 2/31، 32.
[17] ابن إياس، محمد بن أحمد: بدائع الزهور في وقائع الدهور، حققها وكتب لها المقدمة والفهارس: محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب-فرانز شتاينر، القاهرة-فيسبادن، الطبعة الثالثة، 1404هـ=1984م، الصفحات 5/4، 22.
[18] Winter, Michael: The Ottoman occupation, In: Petry, Carl F.: The Cambridge History of Egypt: Islamic Egypt, 640-1516, Volume 1, Cambridge University Press, Cambridge, UK, 2008., vol. 1, p. 498.
[19] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988 صفحة 1/221.
[20] ابن إياس، 1984 الصفحات 5/39-43.
[21] أوزتونا، 1988 صفحة 1/221.
[22] ابن إياس، 1984 صفحة 5/68.
[23] أمجن، 1999 صفحة 1/33.
[24] ابن إياس، 1984 صفحة 5/160.
[25] العصامي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك: سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد عوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ=1998م.صفحة 4/69.
[26] أوزتونا، 1988 صفحة 1/223.
[27] حليم، إبراهيم: التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية، مطبعة ديوان عموم الاوقاف، القاهرة، الطبعة الأولى، 1323هـ=1905م. صفحة 82.
[28] ابن إياس، 1984 الصفحات 5/74-84.
[29] أوزتونا، 1988 صفحة 1/223.
[30] Holt, P. M.: The Age of the Crusades: The Near East from the Eleventh Century to 1517, Routledge, New York, USA, 2014., p. 200.
[31] أوزتونا، 1988 صفحة 1/223.
[32] ابن إياس، 1984 صفحة 5/105.
[33] Nicolle, David: The Mamluks 1250-1517, Opsrey Publishing, Oxford, UK, 1993., p. 16.
[34] أمجن، 1999 صفحة 1/33.
[35] ابن إياس، 1984 صفحة 5/176.
[36] فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م.صفحة 193.
[37] أوزتونا، 1988 صفحة 1/229.
[38] ابن إياس، 1984 صفحة 5/150.
[39] ابن إياس، 1984 صفحة 5/171.
[40] Bagley, F. R. C.: Egypt and the Eastern Arab countries in the first three centuries of the Ottoman period, In: Kissling, Hans Joachim; Bagley, F. R. C.; Spuler, Bertold; Barbour, N.; Trimingham, J. S.; Braun, H. & Hartel, H.: The Muslim world, A Historical Survey: The Last Great Muslim Empires, translated: F. R. C. Bagley, Brill, Leiden, The Netherlands, 1969., vol. 3, p. 55.
[41] ابن إياس، 1984 صفحة 5/175.
[42] سامي، 2009 صفحة 2/5.
[43] Shaw, Stanford Jay: History of the Ottoman Empire and Modern Turkey: Empire of the Gazis: The Rise and Decline of the Ottoman Empire, 1280–1808, Volume I, Cambridge University Press, New York, USA, 1976., vol. 1, p. 84.
[44] ابن إياس، 1984 الصفحات 5/176، 177.
[45] أوزتونا، 1988 صفحة 1/233.
[46] فريد، 1981 صفحة 195.
[47] لطفي باشا: تواريخ آل عثمان، تقديم: سيد محمد السيد، ترجمة: محمد عبد العاطي محمد، دار البشير للثقافة والعلوم، القاهرة، 2019م.صفحة 329.
[48] شلبي، أحمد: موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة السابعة، 1986م. الصفحات 5/285-287.
[49] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 1/ 388- 401.
التعليقات
إرسال تعليقك