لعمر بن الخطاب الكثير من المواقف التي تدل على حبه الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تلك المواقف؟ وماذا تعرف عنها؟
الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
كان من المهم جدًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبَيِّن للناس علاقته ببقية الأنبياء والمرسلين، وذلك لعدَّة اعتبارات. منها تأكيد الإيمان بهم.
علاقة الرسول ﷺ بالأنبياء والمرسلين:
كان من المهمِّ جدًّا لرسول الله ﷺ أن يُبَيِّن للناس علاقته ببقيَّة الأنبياء والمرسلين، وذلك لعدَّة اعتبارات.
من هذه الاعتبارات تأكيد الإيمان بهم؛ لأنَّ ذلك ركنٌ من أركان العقيدة الإسلاميَّة، وليس المطلوب فقط هو مجرَّد الإيمان، إنَّما المطلوب هو قوَّة الإيمان وشدَّة اليقين به، كما أنَّ المطلوب -أيضًا- هو عدم التفرقة في الإيمان بين هؤلاء الأنبياء والمرسلين. قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: 285]، والتفريق بين الرسل المنهيُّ عنه في الآية هو التفريق في الإيمان، بمعنى الإيمان ببعضهم والكفر بآخرين، ولذلك هدَّد الله تعالى من يفعل ذلك بالعذاب المهين، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ` أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ` وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 150 - 152].
ومن هذه الاعتبارات -أيضًا- الاستفادة من القصص الكثير لهؤلاء الأنبياء في القرآن الكريم، وفي السُّنَّة المطهرة؛ فكلما زاد التوقير لهم زاد الاعتبار بقصصهم وأعمالهم. قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: 120]، وقال الله تعالى واصفًا فضل الأنبياء وقدرهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ` أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 89، 90]. و«هؤلاء» في الآية تعود على مشركي مكة، فلمَّا كفروا وَكَّل اللهُ الأمر لقومٍ لا يكفرون بالنبوَّة والأنبياء، وهم المهاجرون والأنصار ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
ومن هذه الاعتبارات -أيضًا- إقناع أهل الكتاب أنَّ نبوَّة الرسول ﷺ ما هي إلَّا استكمالٌ لنبوَّات الأنبياء السابقين، فلا معنى للصدِّ والإعراض، بل المتوقَّع هو الدعم والتأييد.
إذا وضعنا هذه الخلفيَّات في أذهاننا أدركنا النهج الذي انتهجه رسول الله ﷺ في شرح علاقته بالأنبياء الذين سبقوه.
كان من أهمِّ الأمور التي بيَّنها رسول الله ﷺ في هذا المجال أنَّه جاء ليُكْمِل بنيانًا كبيرًا بدأه الأنبياء قبله، ومِنْ ثَمَّ فالعلاقة بينه وبين الأنبياء قبله ليست تنافسيَّةً إنَّما تكامليَّة؛ بمعنى أنَّهم جميعًا يشتركون في عملٍ واحد، وسيكون هذا العمل أبهى وأعظم إذا تعامل الناس معه كمنظومةٍ واحدةٍ متناسقة.
من هذا المنطلق قال رسول الله ﷺ -كما روى أبو هريرة رضي الله عنه: «إِنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا، فَأَحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ ويَعْجَبُونَ لَهُ، ويَقُولُونَ: هَلَّا وضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ. قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ»[1]. ويقول الكرماني تعليقًا على هذا الحديث: «شبَّه الأنبياء وما بُعِثوا به من إرشاد الناس إلى مكارم الأخلاق، بدارٍ أُسِّست قواعده ورُفِع بنيانه وبقى منه موضع لَبِنَة، فنبيُّنا ﷺ بُعِث لتتميم مكارم الأخلاق، كأنَّه هو تلك اللَّبِنَة التي بها إصلاح ما بقي من الدار[2]. لهذا قال رسول الله ﷺ في الحديث الآخر، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»[3]. فبداية توضيح مكارم الأخلاق وصالحها كانت على يد الأنبياء، وإتمامها كان على يد رسول الله محمد ﷺ، وهو النبيُّ الخاتم كما وضح في الحديث، فبه تمَّت الأخلاق الكريمة التي يريدها الله من عباده.
أيضًا من هذا المنطلق حرص الرسول ﷺ على توضيح أخوَّته لبقيَّة الأنبياء، وعلى إبراز علاقة المودَّة والحبِّ بينه وبينهم.
قال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ»[4]. والأخوَّة من عَلَّات -بفتح العين- هم الأخوة من أبٍ واحدٍ وأمَّهاتٍ مختلفة، ودين الأنبياء واحدٌ بمعنى أنَّ أصول التوحيد واحدة، وكلُّهم يعبد الله ويطيعه، وإن اختلفت طريقة عبادتهم باختلاف شرائعهم، وفي الحديث أنَّ رسول الله ﷺ أولى الناس بعيسى عليه السلام تحديدًا على اعتبار أنَّه الأخ السابق له مباشرةً «فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ».
وحرص الرسول ﷺ على إبراز هذه الأخوَّة للأنبياء بكلِّ طريقة، حتى تعمَّد أحيانًا أن يذكرها لفظًا لا معنًى فقط. من أمثلة ذلك ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ..»[5]. وفي رواية الطبراني بلفظ: «.. وَرَحِمَ اللهُ أَخِي لُوطًا..»[6]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي»[7]. وفي قصَّة زيارة الرسول ﷺ للطائف وإسلام الغلام النصراني عدَّاس قال رسول الله ﷺ عن يونس عليه السلام: «ذَاكَ أَخِي، كَانَ نَبِيًّا وَأَنَا نَبِيٌّ»[8].
ومدح رسول الله ﷺ كثيرًا من الأنبياء بشكلٍ مباشر، وقد يأتي هذا المدح في صور يُفْهَم منها تفضيلهم عليه، وهذا من تواضعه ﷺ.
من ذلك ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ؛ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، قَالَ المُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالَمِينَ، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالَمِينَ، فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَمْرِ المُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ المُسْلِمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ[9] جَانِبَ العَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللهُ»[10].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ[11] الشَّيْطَانُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ، إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: 36][12].
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ب، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «الكَرِيمُ، ابْنُ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ»[13].
وكان رسول الله ﷺ يحبُّ أن يُقَرِّب صورة الأنبياء وأشكالهم من الصحابة، فذلك يجعلهم أكثر تصوَّرًا لهم، وأكثر قربًا منهم، ومن ذلك ما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي: «رَأَيْتُ مُوسَى: وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ[14] رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ[15]، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ[16] أَحْمَرُ[17]، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ[18]، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ ﷺ بِهِ»[19].
وكان رسول الله ﷺ حريصًا على إثبات أنَّ الأنبياء قبله كانوا يمهِّدون لبعثته، ويهيِّئون الناس لها. فعن خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الكَلاعيِّ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ: «دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى»[20].
ودعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام هي التي جاءت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129].
أمَّا بشرى عيسى عليه السلام فقد جاءت في قوله تعالى: ﴿ومُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: 6][21].
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ﷺ: «وَكَانَ آخِرُ مَنْ بَشَّرَ بِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ»[22]. وفيه أنَّ كلَّ نبيٍّ بشَّر به لقوله: «آخِرُ»، وفائدة البشرى التنويه بذكره، والدلالة على حقِّيَّة بعثته[23].
وأخيرًا يذكر رسول الله ﷺ أنَّ هذه العلاقة الرائعة بينه والأنبياء مستمرَّةٌ إلى يوم القيامة؛ حيث سيطلب الأنبياء من ربِّ العالمين أن يشهد لهم رسول الله ﷺ بالبلاغ! فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يُدْعَى نُوحٌ يَومَ القِيامَةِ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ يا رَبِّ، فيَقولُ: هلْ بَلَّغْتَ؟ فيَقولُ: نَعَمْ، فيُقالُ لِأُمَّتِهِ: هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فيَقولونَ: ما أتانا مِن نَذِيرٍ، فيَقولُ: مَن يَشْهَدُ لَكَ؟ فيَقولُ: مُحَمَّدٌ وأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أنَّه قدْ بَلَّغَ: ﴿وَيَكونَ الرَّسُولُ علَيْكُم شَهِيدًا﴾ فَذلكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَكَذلكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ علَى النَّاسِ ويَكونَ الرَّسُولُ علَيْكُم شَهِيدًا﴾ والوَسَطُ: العَدْلُ»[24].
هكذا كان تصوير رسول الله ﷺ لعلاقته بالأنبياء الكرام[25].
[1] البخاري: كتاب المناقب، باب خاتم النبيين ﷺ (3535)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب كونه ﷺ خاتم النبيين (2286).
[2] الكرماني: الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 14/134، 135.
[3] أحمد (8939)، وقال الأرناءوط: صحيح وهذا إسناد قوي. والحاكم (4221)، وقال: على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8/ 188، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (45).
[4] البخاري عن أبي هريرة: كتاب الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ [مريم: 16] (3442)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام (2365).
[5] البخاري عن أبي هريرة: كتاب الأنبياء، باب قوله عز وجل: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحجر: 51] (3372)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل (151).
[6] الطبراني: المعجم الأوسط (8813).
[7] البخاري: أبواب المساجد، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، (449)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل، (541).
[8] ابن هشام: السيرة النبوية 1/421.
[9] بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ: أَيْ آخِذٌ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَرْشِ بِقُوَّةٍ وَالْبَطْشُ الْأَخْذُ بِقُوَّةٍ.
[10] البخاري: كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهودي، (2280)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى ﷺ، (2373).
[11] نخسه الشيطان؛ أي: طعنه في خاصرته عند خروجه من بطن أمه.
[12] البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، (3112)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام، (2366)، واللفظ له.
[13] البخاري: كتاب الأنبياء، باب ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ [البقرة: 133]، (3202)، والترمذي (3116)، والنسائي (11254)، وأحمد (5712).
[14] الضَّرْبُ من الرِّجال: خفيف اللحم الممشُوق.
[15] شنوءة: قبيلة عربية معروفة، لهم هذا الشكل الذي وصفه.
[16] الرَّبْعة: المعتدل لا بالقصير ولا بالطويل.
[17] العرب إِذا قالوا: فلان أَحمر وفلانة حمراء. عنوا بياض اللون. وسئل ثعلب: لم خَصَّ الأَحمرَ دون الأَبيض؟ فقال لأَن العرب لا تقول: رجل أَبيض من بياض اللون إِنما الأَبيض عندهم الطاهر النقيُّ من العيوب، فإِذا أَرادوا الأَبيض من اللون قالوا: أَحمر. ابن منظور: لسان العرب، مادة (حمر) 4/ 208.
[18] ديماس: يَعْنِي الحَمَّامَ.
[19] البخاري: كتاب الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [مريم: 16]، (3254)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات، (168).
[20] أحمد (17190)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح لغيره. وابن حبان (6404)، والحاكم (4174)، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والطبراني: المعجم الكبير (7745)، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1545).
[21] الطيبي: الكاشف عن حقائق السنن 11/ 3644.
[22] ابن عساكر: تاريخ دمشق 3/ 393، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1546).
[23] الصنعاني: التنوير شرح الجامع الصغير 4/ 264..
[24] البخاري: كتاب التفسير، باب سورة البقرة، (4217).
[25] انظر: د. راغب السرجاني: من هو محمد، دار التقوى للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1442= 2021م، ص85- 89.
التعليقات
إرسال تعليقك