ملخص المقال

العدل
المعنى المقصود للعدل:
العدل: هو الإنصاف والمقصود إعطاء كل ذي حقٍ حقه، وعدم مجاملة أحد كائنًا من كان في هذا الحق، ويكون ذلك في القضاء بين الناس، وفي العطاء المالي وقضاء المصالح..
ما جاء في مدح العدل:
ولقد اهتم القرآن كثيرًا بالعدل، وذكره كثيرًا وأمر به، ونهى عن ضدّه، وهوالظلم، وحذر منه، فقد قال تعالى:
(13)
فحتى في ردّ العدوان يطلب الله العدل، ويأمر به مع المشركين، وهذا هو العدل المطلق الذي لا يتأثر بشخصية المتعامل معك.
وكذل أمر الله عز وجل بالعدل عند الحكم بين الناس فقال تعالى:
(14)
والتذكير بـ (إن الله كان سميعًا بصيرًا) ليتذكر كل مسلم قبل أي تصرف يتذكر القاضي والحاكم والمدرس والأب أن يعدلوا فيما يحكمون فيه، خوفًا من عقاب الله عز وجل.
قيمة العدل في المجتمع:
إن العدل أساس بناء أي امة واستمرارها قوية، هو الذي يحميها من الهوان والذل ومن ثم الانهيار والسقوط..
وقد قال أحد الأئمة : إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ويزيل الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة..
والعدل هو الذي يوفر لآحاد الأمة الأمن والاستقرار، حيث لايخشون بطش ذي سلطان، أو اعتداء ذي مال، وإنما يطمئنون لمعرفتهم أنّ لهم حقوقًا سينالونها، وعليهم واجبات لابد من أن يؤدوها..
مواقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم :
أقام الرسول صلى الله عليه وسلم العدل التام بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم، وأول ما أقامه أقامه في بيته حيث عدل الرسول صلى الله عليه وسلم بين زوجاته رضي الله عنهن فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
(20)
وهذه هو ما أمر الله عز وجل به المؤمنين من العدل بين الزوجات "فإن لم تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".. أما ميل القلب فليس لأحد عليه سبيل، وقد قال سبحانه عنه: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولوحرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة..." فكان الرسول يعدل في المبيت والعطاء كما
(19)
هذا هو العدل الإلهي الذي لا يستثنى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوب العدل بين الزوجات حتى حال مرضه، وهذا هو العدل النبوي الذي يعرف لصاحبات الحق حقهن فيستأذن منهن، ليذهب ويبيت حيثيجد راحته..
وهذا العدل هو ضمان استقرار الحياة الزوجية، وسيرها في اتجاهها الصحيح، لأن الضرائر ـ غالبًا ـ ما يقع بينهن لغيرة وبعض الإساءة،ولن ينفك الرجل بجد مشقة في معاملتهن، فإن وقع حيف على إحداهن، بسبب ميل زوجها إلى ضرتها أشعل ذلك نار الغيرة والعداوة في قلب المظلومة وفتح أبواب الكير والشر على مصراعيها، مما يفوت المقصود من الحياة الزوجية، وهو السكن والمودة والرحمة..
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصًا على إرساء دعائم العدالة في البيت المسلم، لذا حث على العدل بين الأبناء كذلك، فعن:
(1)
وفي واقعنا الحضر تصديق مايدعو إليه الحديث، فكم من جرائم ارتكبت بسبب عدم العدل بين الأبناء، حيث تبدأ المشكلة بتفضيل أحدهم على الآخرين، فيبغضه أخوه، وتشتعل نيران العدو، وربما زاد الأبوان في المحاباة، فينتهي الأمر بجريمة بحقّ الأخ المحابي أو بحق أحد الوالدين..
وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إقامة العدل بين جميع الناس، مسلمهم وكافرهم، وقد أقام بناء دولة الإسلام على ذلك الأساس المتين، فعند مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وإرادته بناء المسجد على الأرض التي بركت فيها ناقته بأمر الله عز وجل صم أن يأخذ الأرض بالثمن ويروي ابن كثير في سيرته قائلاً:
(8)
وهذا السلوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم يغلق باب الاستغلال أولياء الأمر لرعيتهم، وتملق الرعية لولي الأمر ورشوته، فإنه إن أخذ منهما الأرض هبة، فسيحتج بذلك بعض الحكام الفاسدين، ويغتصبوا ممتلكات الناس بدعوى أنها برضاهم، أو قد يرشي بها بعض الرعية اولياء الأمر.
وكانت القاعدة التي أقام عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بناء العدل في المجتمع هي التقوى: تقوى كلمسلم من أن ينال شيئًا من حقّ أخيه، تقواه من أن يناله غضب الله إن هو أخفى الحقيقة ليحكم له لذا فعن:
(15)
وبهذه الوسيلة ينخفض معدل التقاضي إلى أدنى حدٍّ، ولعل من أكبر مشاكل القضاء في بلادنا ومشكلة كثرة القضايا المنظورة أمام المحاكم،وممن أسبابها غياب أو ضعف التقوى الذي يفضي بالإنسان إلى الرغبة في أكل حقوق الغير، وسلوك السبل الوعرة لذلك من افتراءات، وإشهاد بالزور وغير ذلك..
ثم أقام الرسول صلى الله عليه وسلم صرح العدل على المساواة بين الناس جميعًا،وعدم المجاملة في حدود الله عز وجل فعن عائشة رضي الله عنها:
(7)
وهكذا عرف الجميع أسلوب الحكم الإسلامي النبوي الذي يقوم على العدل المطلق ولا يجامل ولا يحابي.
وكان الناس قد تأكدوا جميعًا من هذا الأسلوب بمواقف أخرى كثيرة سابقة منها ما رواه أنس رضي الله عنه..
(12)
وهذ منقبة منمناقب الصحابي الجليل أنس بن النضر، إلا أنها لا تنفي ان الرسول صلى الله عليه وسلم صمّم على إقامة الحد، وقال: "يا أنس: كتاب الله القصاص".
وكان عدل الرسول صلى الله عليه وسلم ساريًا على جميع الناس، يصلح به ما فسد من أمورهم كما كان عند اليهود فعن البراء بن عازب قال:
(11)
فأصلح الله عز وجل به اعوجاج اليهود، وانحرافهم عن شرع الله عز وجل، وأقام به العدل بين الناس جميعًا..
وقد كان العدل النبوي مع رحمته صلى الله عليه وسلم يخفان عن اليهود بعض ما يستحقونه من العقاب، فعن ابن عمر:
(3)
وقد بلغ من عدله صلى الله عليه وسلم أنه كان يساوي في الحوار مع المشركين بينه وبينهم كما جاء في قوله تعالى:"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"..
ومثل ما جاء في تفسير لآية التالية:
(22)
وكيف لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم عادلاً، وقد علمه ربه سبحانه وتعالى
كيف يكون العدل، فأعطاه أعظم المثل فقد قال أخرج أحمد عن أنس:
(10)
إلى هذا الحد بلغ عدل الرحمن مع عباده الكافرين به أن يرفع عنهم دعاء رسوله الحبيب بلعنهم وهلاكهم واستنكار فلاحهم بعد إيذائهم له، ولكن العدل لإلهي يأتي ليصحح الأوضاع، ويعطينا الدرس العظيم..
مواقف الصحابة:
لقد تعلم الصحابة في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم أنواع الأخلاق جميعها، ومنها العدل، فلم يكونوا يتعجلون في الحكم بين الناس، ولم يكونوا يحاربون قريبًا ولا صديقًَا ولاحليفًا، ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك موقف سعد بن معاذ رضي الله عنه من بني قريظة، وقد طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحكم سعدًا فيهم، وكانوا حلفاء قومه في الجاهلية فعن أبي سعيد :
(5)
ففضل سعد رضي الله عنه إرضاء الله، على إرضاء حلفائه الخائنين لله ورسوله.
وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالقضاء، فقال: "وأقضاكم عليٌّ" وكان عليُّ عند اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فكان يقضي بالحق، ويعدل بين الناس، ولو كانت القضية غريبةفإن الله عز وجل كان يفتح له باب الحقّ فيها فعن الأجلح عن الشعبي
(23)
ـ تطبيقات عملية للعدل في حياتنا:
تحتاج كل أمة إلى إقامة العدل وسيادته حتى تنهض وتستمر، وإن كان الزمن زمنًا ضاع فيه العدل، وطمست معالمه، إلا أنه ما زال له بقايا، جعلها الله عز وجل مصبرات على الأوضاع المتردية، ومبشرات على إمكانية التغيير إلى الأفضل، فمن بقايا العدل في مجتمعنا، نهضة القضاة وحركتهم نو إقامة العدل، وتيسير الطريق إليه ومطالبتهم بالإشراف الكامل على الانتخابات في جميع المستويات، بداية من تنقية جداول الناخبين، وحتى إعلان النتائج..
كما أنّ هذه التطبيقات شهادة العديد من القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات بتزوير من قبل بعض الفاسدين سواء من القضاة أو الشرطة..
خلاصة القول أنه إذا كان العدل غائبًا عن حياتنا بصفة عامة، فإن له وجود طفيفًا نريده أن يصير ملموسًا كاسحًا طاغيًا، حتى تعيش الأمة في سلام واطمئنان..
نصائح نبوية عملية للتحلي بالعدل:
قدم لنا الرسول صلى الله عليه وسلم نصيحة غالية لنتحلى بالعدل في حال الحكم بين الناس فعن عبد الرحمن
(24)
التعليقات
إرسال تعليقك