جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
الرؤية الشرعية الصحيحة حول التصريح بدفن منفذي هجمات مومباي في مقابر المسلمين
مسلمون بالهند: لن ندفن إرهابيي مومباي في مقابرنا
رفض المجلس الإسلامي في مدينة مومباي الهندية دفن جثث تسعة من منفذي الهجمات على المدينة في مقابر المسلمين في الولاية؛ معتبرا ذلك عقابا لهم على الإساءة للإسلام والمسلمين بارتكاب تلك الهجمات الأسبوع الماضي، وداعيا المجالس الإسلامية في بقية الولايات إلى اتخاذ نفس القرار.وفي استطلاع لرأي الشرع بشأن هذا القرار، أكد الدكتور رجب أبو مليح المستشار الشرعي لشبكة "إسلام أون لاين.نت"، أن الإسلام "لا يقر مثل هذا الرأي"، مشددا على أن هؤلاء القتلى مسلمون "يجب معاملتهم عند موتهم بمعاملة المسلم أيا كانت جرائمهم، فلا يجوز معالجة الخطأ بخطأ آخر".
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الهندية الإثنين 1-12-2008 أن قرار المجلس الإسلامي في مومباي أيده عدد من المنظمات الإسلامية في الهند؛ حيث وصل إلى السلطات في مومباي خطابات من تلك الجهات تحثها على "عدم السماح بدفن أمثال هؤلاء في التراب الهندي؛ جزاء لما ارتكبوه في حق البلد".وقال إبراهيم طائي رئيس المجلس الإسلامي في مومباي: "إن المسلحين الذين شوهوا الإسلام لا يجب دفنهم في مقابر المسلمين"، محذرا من أن المسلمين الهنود قد يخرجون إلى الشوارع احتجاجا إذا ما تجاهلت الحكومة مناشداتهم، غير أن عددا آخر من المنظمات الإسلامية لم تتبن نفس الموقف حتى الآن، وفقا للصحيفة.
وتعد هجمات مومباي من أشد الأحداث الإرهابية التي ضربت الهند في السنوات الأخيرة، حيث أوقعت مئات القتلى والجرحى، وشملت عشرة أهداف، أبرزها فندقا تاج محل وترايدنت أوبروي، ومستشفى كاما، ومحطة شاتراباتي شيفاجي للسكك الحديدية، إلى جانب مركز لليهود في المدينة، ومقهى ليوبولد، وسينما مترو.
وبحسب ما كشفته التحقيقات الهندية الأولية فإن منفذي الهجمات هم عشرة باكستانيين مسلمون، قتلت قوات الأمن تسعة منهم، وألقت القبض على العاشر، الذي تقول مصادر أمنية إنه كشف عن انتماء المهاجمين العشرة لجماعة "عسكر طيبة" المتمركزة في باكستان، والتي تقاتل الوجود الهندي في إقليم كشمير المتنازع عليه بين نيودلهي وإسلام آباد.
إدانة ومطالب
وكان مجلس مشاورات مسلمي عموم الهند، الذي ينضوي تحت لوائه جميع المنظمات الإسلامية بالهند، من أوائل من أعلنوا إدانتهم لهجمات مومباي، قائلا: "إن الأقلية المسلمة فزعت من تلك الهجمات الإرهابية الوحشية، ونعتبرها من أخطر الجرائم".
وقال عبد الوهاب عبد الواحد الخلجي نائب رئيس الهيئة الملية لعموم الهند، وعضو المركز الإسلامي الثقافي بنيودلهي: "إن بعض الفرق الضالة تريد أن تتوتر الأجواء في الهند، لاسيما تجاه المسلمين".
غير أنه لفت إلى أن "هناك بعض الأمور في السياسة الهندية تجاه المسلمين بحاجة إلى تعديل؛ لأنها تغذي مشاعر الظلم والاضطهاد التي تدفع بعض الشباب للانجراف وراء الفكر المتطرف تجاه الحكومة والوطن ككل".وطالب الخلجي الحكومة بـ"توسيع فرصة المسلمين في المشاركات السياسية، وإدماج الجماعات المسلمة في أجندة البناء السياسي للدولة".
وفي وقت سابق على الهجمات دعا نحو ستة آلاف زعيم وعالم دين مسلم في الهند الحكومة إلى سن قانون يجرم العنف الطائفي، الذي أودى بحياة الآلاف، وبتنفيذ وعودها الانتخابية بشأن تحسين أوضاع المسلمين؛ لوضع نهاية لحالة الاحتقان القائمة بين المسلمين وغيرهم.
ويمثل المسلمون 13% من إجمالي سكان الهند البالغ نحو 1.1 مليار نسمة، معظمهم من الهندوس، ونسبة تمثيل المسلمين في مختلف القطاعات تقل عن 2%، وهو ما يظهر بوضوح في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بينهم.
رؤية شرعية
وعن الرأي الشرعي لقرار بعض زعماء مسلمي الهند عدم دفن منفذي هجمات مومباي في مقابر المسلمين، قال المستشار الشرعي لـ"إسلام أون لاين.نت": إنه "لا يجوز معالجة خطأ (تنفيذ الهجمات) بخطأ آخر، وهو معاملة هؤلاء القتلى معاملة غير المسلمين".
وأضاف د. أبو مليح أنه "من حق الميت إكرامه أيا كانت خطيئته، وإكرام الميت المسلم هو غسله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين على الطريقة الشرعية"، مشيرا إلى أن "عقاب المذنب الميت يلقاه عند ربه، وليس على يد الناس".وأكد أن تنفيذ مسلمين مثل تلك الهجمات الإرهابية "لا يُخرجهم عن الإسلام، بل هم مذنبون يتوجب معاقبتهم حال بقائهم على قيد الحياة بحجم الجرم الذي اقترفوه، وفق ما أقرته الشريعة".
المصدر: إسلام أون لاين
التعليقات
إرسال تعليقك