د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
قبل أن تنطق بتكبيرة الإحرام، كيف لو استشعرت أن هذه هي آخر صلاة لك في الدنيا! وبعدها ستموت أو تُقتل، كيف ستكون هذه الصلاة؟
غدروا به!
أعطَوْه العهد والميثاق، فظنَّ فيهم خيرًا، وما أدرك أنهم من جنس اللئام!
قيَّدُوه وحبسوه.. وبعد أيام أخرجوه..
لا للحرية.. ولكن للقتل!
ألك طلب قبل أن تموت؟! قال الطغاة..
ركعتين..
فقط ركعتين!
هكذا أجاب خبيب بن عدي رضي الله عنه..
دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ.. ثم قال أعجب كلام..
قَالَ: وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ!
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا..
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
فَلَسْــــــتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا *** عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ للهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَـــهِ وَإِنْ يَشَــأْ *** يُبارِكْ عَلى أَوْصَالِ شِــــلْوٍ مُمَزَّعِ
فَلَمَّا وَضَعُوا فِيهِ السِّلَاحَ، وَهُوَ مَصْلُوبٌ، نَادُوهُ وَنَاشَدُوهُ: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَكَانَك؟
قَالَ: لَا وَاَللهِ الْعَظِيم..
مَا أُحِبُّ أَنْ يَفْدِينِي بِشَوْكَةٍ فِي قَدَمِهِ[1]!
فقاموا إليه.. وطعنوه!!
ما أعجبها من صلاة، تلك التي صلَّاها قبل أن يموت!
أتدرون أنها صارت سُنَّةً للمسلمين؟!
لقد كان خبيب رضي الله عنه أول من سَنَّ ركعتين عند القتل..
لا شكَّ أنها كانت خاشعة..
بل شديدة الخشوع..
وعن هذه الصلاة.. نبحث!!
ليس من قبيل المصادفة أبدًا أن يُوَفَّق صحابي إلى عمل ما دون سابق وجود، ثم يُقِرُّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُصبح -كما يقول علماء الأصول- سُنَّة تقريرية.. أي أن الفاعل لها صحابي؛ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرَّها؛ ومن ثَمَّ صارت جزءًا من الشريعة نتعبَّد به اللهَ عز وجل!
هذا لا يمكن أن يكون بالمصادفة!
حاش لله أن يكون شَرْعُ اللهِ ابتكارًا من البشر دون متابعة من الوحي.. إنما الصواب أن الله عز وجل اطَّلع على الصدق في قلوب بعض عباده، فأراد أن يُعطيهم كرامة خاصَّة لا يبقى أثرها عامًا أو عامين فقط، إنما يبقى أثرها إلى يوم الدين! فأجرى على قلوبهم وجوارحهم أعمالًا معينة هي من صميم الشريعة؛ فصارت منسوبة إليهم؛ بينما المشَرِّع هو الله عز وجل بما يسَّره لهم[2].
وبين أيدينا موقف خبيب بن عدي رضي الله عنه، وهو أول مَنْ سنَّ سُنَّة صلاة ركعتين عند القتل، وأقرَّهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصارت هذه الصلاة جزءًا من الدين، وصار أجر خبيب بن عدي رضي الله عنه مساويًا لأجر كلِّ مَنْ صلى هذه الصلاة عند اقتراب لحظة قتله.
هذا الأمر لا يأتي من فراغ، ولا بُدَّ من تحليل مثل هذه المواقف حتى نُدرك طبيعة هذا الدين المحكم وأصوله..
إن هذه الصلاة التي صلاها خبيب رضي الله عنه صلاة خاصة جدًّا لها سمات معينة، جعلتها أهلًا لهذه المكانة المرموقة.. فما أهم ما يميز هذه الصلاة؟!
هل كان الطول هو المميِّز لها؟!
أبدًا.. لقد كانت صلاة سريعة تجوَّز فيها خبيب رضي الله عنه عمدًا..
هل كانت في وقت شريف معروف كجوف الليل، أو رمضان، أو الأشهر الحُرُم؟
أبدًا إنها كانت في وضح النهار، وفي شهر صفر بعد أن انتظر المشركون حتى تخرج الأشهر الحُرُم لئلا يتمَّ فيها قتل.
فهل كانت في مكان شريف كالكعبة مثلًا، أو في الحرم المكي؟
أبدًا.. إنما خرجوا به من الحرم إلى الحِلِّ؛ أي إلى التنعيم، لئلا يكون القتل في البلد الحرام!
إن السرَّ في عظمة الصلاة ليس في طولها ولا توقيتها ولا مكانها..
إنما أحد أسرارها الكثيرة كان في خشوعها!
والسؤال الذي سينقلنا إلى واجب عملي: ولماذا كانت هذه الصلاة أكثر خشوعًا من صلوات كثيرة أخرى؟!
لأنها -ببساطة- كانت صلاة رجل مُقْبِلٍ على الموت! يعلم أنه سيُقْتَل بعد لحظات، وسوف يُحاسب في قبره بعد دقائق! وكيف لمن كانت هذه هي حالته ألا يخشع؟!
لكننا نتحدَّث عن واجب عملي! فهل ينبغي أن أُقْبِلَ على القتل حتى أخشع في صلاتي؟!
نسأل الله العافية لكل مسلم، فليس هذا هو المقصود؛ إنما المقصود أن أستشعر وأنا مُقبل على صلاتي، وقبل أن أنطق بتكبيرة الإحرام، أن هذه هي آخر صلاة لي في الدنيا! وبعدها سأموت أو أُقتل، فكيف ستكون هذه الصلاة؟
إنها ستكون قريبة من صلاة خبيب رضي الله عنه.. صلاة رجل يُوَدِّع الدنيا إلى لقاء ربِّه..
وهل احتمال الموت بعد الصلاة مباشرة احتمال ضعيف أو بعيد؟!
إنه احتمال قريب للغاية؛ بل الاحتمال الأقرب في كل لحظة أن نموت! ولا يستطيع أيُّ إنسان أن يجزم أنه سيعيش يومًا أو ساعة؛ ولكن الغفلة تجعلنا ننسى اقتراب هذه اللحظة.. لا نتعظ بالموتى الذين يتساقطون حولنا صباحًا ومساءً، ولا نعتبر بالشيب يدبُّ في شعرنا، ولا نلتفت إلى الأدواء تُصيبنا وتُصيب أحبابنا..
والله! إن أمرنا لعجيب!
إننا لا نحتاج أن نأتي بأدلَّةِ فجأةِ الموت وقربه من الإنسان، فكلنا يُدرك ذلك ويستوعبه، لكننا نحتاج إلى مناهج عملية تُذَكِّرنا بهذا الزائر الحتمي، وأنا على يقين أننا إذا داومنا على تَذَكُّر الموت فإن صلاتنا ستختلف؛ ولذلك حثَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تَذَكُّر الموت كثيرًا؛ فقال: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ[3]»[4]. ولم يُحَدِّد لنا وِرْدًا معيَّنًا لتذكُّرِه، فلم يقُلْ مثلًا: تذكَّرُوه في كل يوم مرَّة، أو في كل أسبوع مرَّة، أو أكثر من ذلك أو أقل؛ ولكنه ترك الأمر لنا، نتفاوت فيه حسب درجة إيماننا؛ فبينما لا يتذكر بعضُنا الموت إلا عند رؤية الموتى، أو عيادة المرضى، أو عند المواعظ والدروس، تجد أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: «إذا أَمْسَيْتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحْتَ فلا تنتظر المساء»! فطول أمله لا يتعدى نصف يوم! وهكذا يشعر في كل صلواته أنه سيموت بعدها، فيخشع حتمًا فيها، وقد قال هذه الكلمات الواعية تعليقًا على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ»[5].
إن الأمر مُخَوِّف حقًّا! وكلما عرفتَ جدية الأمر ازددت خوفًا وترقبًا.. لذلك كان أبو ذر الغفاري رضي الله عنه يقول: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِيَوْمِ فَقْرِي؟ يَوْمَ أُوضَعُ فِي قَبْرِي»[6].
إن الحصيف حقًّا هو الذي لا يترك مُذكِّرًا من مذكرات الموت إلا وانتبه إليه واستوعبه؛ فيحافظ دومًا على القضية حاضرة في ذهنه، وهذا بالتالي يحفظ له درجة خشوع لا تخفت..
وما برامجنا العملية لتذكُّر الموت؟
إنها كثيرة كثيرة!
يكفي أن نقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنتعلَّم منهجه في الحياة، ورؤيته للدنيا.. لقد كان ينظر إلى الدنيا كلها كأنها ساعة استراحة عابرة في رحلة سفر طويلة! يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً. فَقَالَ: «مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»[7]..
ثم نقرأ سيرة أصحابه وأتباعه ممن فَقِه هذا المعنى، وطبَّقه في حياته.. وما أفقه عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما نظر إلى المقبرة فنزل وصلى ركعتين؛ فقيل له: هذا شيء لم تكن تصنعه؟ فقال: ذَكَرْتُ أَهْلَ الْقُبُورِ، وَمَا حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِهِمَا[8].
ونكثر من دروس العلم، وحلق الذكر، ولنحرص على سماع العلماء الذين يوقظون قلوبنا، ويُذَكِّروننا بالموت والآخرة، وما أجمل الكلمات التي قالها ذو النون المصري في أحد دروسه: «تَوَسَّدُوا المَوْتَ إِذَا نِمْتُمْ، وَاجْعَلُوهُ نُصْبَ أَعْيُنِكُمْ إِذَا قُمْتُمْ، كُونُوا كَأَنَّكُمْ لَا حَاجَةَ لَكُمْ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ الْآخِرَةِ»[9]. وتخيَّل أنك حاضر في مثل هذا الدرس! كيف سيكون قلبك؟
ولنقرأ عن الجنة ونعيمها، ولْتحلم بها عقولنا، ولْتهفو إليها نفوسنا، وكان أبو عبد ربه يقول لمكحول: يا أبا عبد الله أتحبُّ الجنة؟ قال: ومَنْ لا يحبُّ الجنة؟ قال: فَأَحِبَّ المَوْتَ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَى الجَنَّةَ حَتَّى تَمُوتَ[10].
ولنحرص على اتباع الجنائز، وعيادة المرضى، والوقوف إلى جوار أصحاب الابتلاء والمصائب، فهذه من كبرى المذكرات بالموت..
ولْنجعل لأنفسنا نصيبًا من زيارة القبور؛ ولعل زيارة واحدة تكون أبلغ من ألف موعظة، وهذه وصية رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا..»[11].
كل هذا لنستوعب «عمليًّا» ما نفهمه جميعًا «نظريًّا»!
أليس كلنا يقرأ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 99، 100]؟
لكن هل كلُّنا يُصَلِّي صلاته كما كان يُصَلِّيها خبيب بن عدي رضي الله عنه وهو مُقبل على الموت؟
واقع الأمر أننا «نشكُّ» أننا سنموت قريبًا!!!
ولهذا يقول الحسن البصري رحمه الله: «مَا رَأَيْتُ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لا يَقِينَ فِيهِ مِنَ المَوْتِ»[12]!!
وَقَالَ عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «مَا رَأَيْتُ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ، مِنْ يَقِينٍ نَحْنُ فِيهِ؛ فَلَئِنْ كُنَّا مُقِرِّينَ إنَّا لِحَمْقَى، وَلَئِنْ كُنَّا جَاحِدِينَ إنَّا لَهَلْكَى»[13].
لكل ما سبق أقول: إن تذكُّر الموت قبل تكبيرة الإحرام كفيل بنقلة نوعيَّة لدرجة خشوع المُصَلِّي؛ ومن هنا نفهم التوجيهات النبوية الكثيرة التي تحضُّنا على تذكُّر الموت عند الصلاة خاصة..
يقول أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ؟ فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأجْمِعِ الْيَأسَ مِمَّا فِي أيدِي النَّاسِ»[14].
ما شاء الله!
الوصية جامعة.. وخلاصتها تذكَّر الموت! فالأمور الثلاثة التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصب في هذا المعنى؛ فالأمر الأول هو صلاة مودِّع للدنيا، وهي صلاة خبيب رضي الله عنه التي وصفناها في أول كلامنا.. صلاة رجل مُقبل على موته والآخرة، مُوَدِّع لحياته والدنيا، والأمر الثاني هو السيطرة على الأعصاب واللسان؛ فلا يقع الإنسان فيما يندم عليه بعد الموت، والأمر الثالث زُهْدٌ فيما في أيدي الناس؛ لأنك مقبل على الموت ولا تحتاج ما معهم في آخرتك!
وفي موقف آخر يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ كَأَنَّكَ تَرَاهُ [15]، فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»[16].
ويُفَصِّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تفصيلًا جميلًا في الأمر، فيقول -كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه-: «اذْكُرِ المَوْتَ فِي صَلاتِكَ, فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا ذَكَرَ المَوْتَ فِي صَلَاتِهِ لَحَرِيٌّ أَنْ يُحْسِنَ صَلَاتَهُ, وَصَلِّ صَلَاةَ رَجُلٍ لَا يَظُنُّ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً غَيْرَهَا، وَإِيَّاكَ وَكُلَّ أَمْرٍ يُعْتَذَرُ مِنْهُ»[17].
ما شعورك بعد قراءة هذه النصيحة المباشرة؟!
إنها الدواء الذي نبحث عنه!
ألسنا نبحث عن الخشوع؟
فها هو الطريق!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جزم بأن الذي يذكر الموت سيُحسِن صلاتَه: «لَحَرِيٌّ أَنْ يُحْسِنَ صَلَاتَهُ»..
وأتْبَع ذلك بوصية نادرة فقال: «وَصَلِّ صَلَاةَ رَجُلٍ لَا يَظُنُّ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً غَيْرَهَا!»، فقد نتذكَّر الموت لكن لا نشعر بقربه جدًّا، أو قد نتأثَّر به بشكل عامٍّ دون أن نُسْقِط ذلك على ذواتنا، فتأخذنا الشفقة على موتانا السابقين، أو نفكِّر في وضع خطة طويلة المدى للاستعداد للموت.. أمَّا المطلب النبوي الواضح فهو أن تعتقد أن هذه الصلاة تحديدًا هي الصلاة الأخيرة لك.. الأخيرة بمعنى الكلمة! فتشعر بشعور خبيب رضي الله عنه، وهو يُدرك -إدراكًا لا يخالجه شكٌّ- أنه سيُقتل بعد هذه الصلاة!
لو شعرتَ هذا الشعور فإنك ستُدرك فورًا الفرق بين صلواتك السابقة، وهذه الصلاة الجديدة..
والآن أيها المودِّع!
ماذا تُريد من ربِّك في صلاتك الأخيرة؟!
ماذا يُريد رجل يدخل إلى قبره بعد سويعات؟!
لا أعتقد أنه سينشغل بدارٍ هو في سبيله إلى تركها نهائيًّا بلا عودة؛ ولكنه سينشغل حتمًا بدارٍ هو عليها قادم!
ماذا تُريد من ربِّك أيها المودِّع؟!
هل تُريد أن يُهَوِّن الله عليك سكرات الموت؟
حقًّا إنها سكرات أليمة.. حتى على خير البشر صلى الله عليه وسلم كانت أليمة! تروي عائشة رضي الله عنها فتَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ[18] وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ فَأَمَرَّهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ -يَشُكُّ عُمَرُ بن سعيد أحد رواة الحديث- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ». ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى». حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ[19]..
ألا تُريد أن يُخفَّف عليك مثل هذا الموقف؟
يمكن أن تدعو بذلك في صلاتك الأخيرة!
ألا تريد أن تُوَفَّقَ إلى أن تكون آخر كلماتك في الدنيا: «لا إله إلا الله»؟
إننا نتكلم بكلام كثير جدًّا كل يوم؛ بل كل ساعة، ففرصة أن تكون كلمتك الأخيرة قبل موتك «لا إله إلا الله» فرصة بعيدة جدًّا، ولا يمكن اختيارها، إلا أن يشاء الله!
أنت تعلم أجر هذا الأمر.. فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -فيما رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه-: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ»[20]..
فلماذا لا نطلب من الله في صلاتنا الأخيرة أن يُوَفِّقنا إلى هذا الأمر؟
وماذا تُريد في قبرك الذي ستدخله اليوم؟!
إنه مظلم موحش! قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا»[21].. وسيأتيك فيها ملكان غليظان يسألانك عن أسئلة ثلاثة.. يقول رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: «إِذَا قُبِرَ أَحَدُكُمْ أَوِ الْإِنْسَانُ، أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: المُنْكَرُ. وَالْآخَرُ: النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ؟..»[22]. فماذا ستفعل؟ إن منظرهما المرعب قد تذهل معه الروح، فتفشل في الإجابة! ألا تتمنَّى تثبيتًا في هذا الموقف؟
يمكن أن تسأل اللهَ في صلاتك الأخيرة هذا، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا في كل صلاة أن يستعيذ من عذاب القبر؛ فقد روت عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ القَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ القَبْرِ، فَقَالَ: «نَعَمْ، عَذَابُ القَبْرِ». قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنه: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ[23].
وماذا ستفعل يا مسكين عندما تسمع في قبرك نفخة صاحب الصور، فتخرج من قبرك، فتشهد ما لم يره قبل ذلك أحدٌ! ترى القبور قد بُعثِرَت، وخرج الخلق أجمعون هائمون على وجوههم! {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ` لمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة: 49، 50].. هذا هو اليوم المعلوم.. اليوم المشهود.. اليوم العبوس القمطرير! ومهما جال بخاطرنا عن هذا اليوم فلن نصل إلى الحقيقة.. إنما فقط «نتصوَّر» بما وُصِفَ لنا في كتاب ربنا، وسُنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم.. قال عبدُ الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير: 1] و{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}[الانفطار: 1] و{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}[الانشقاق: 1]»[24]..
هذا يوم البعث بأحداثه الجسيمة!
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ }[التكوير: 1 - 13]..
{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}[الانفطار: 1 - 4]..
{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}[الانشقاق: 1 - 5]..
ألا تُريد من ربِّك في صلاتك الأخيرة شيئًا بخصوص ذلك اليوم؟
ألا تتمنَّى أن تُبعَث آمنًا مطمئنًّا؟
ألا تحلم أن تكون حينئذٍ في ظلِّ عرش الرحمن؟
ولا شكَّ أنك لو تدبَّرت فيما بعد البعث والنشور لتمنَّيْت أمورًا كثيرة تُريدها من ربك، ولا يملكها غيره..
تُريد منه شيئًا عند تطاير الصحف!
تُريد منه شيئًا عند نصب الموازين!
تُريد منه شيئًا عند ظهور حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم!
تُريد منه شيئًا وأنت واقف بين يديه سبحانه!
تُريد منه شيئًا وأنت تقرأ كتابك!
تُريد منه شيئًا وأنت أمام الصراط توشك أن تمرَّ عليه!
ولا شكَّ أنك تريد جنة ونعيمًا..
وقد تُريد دخولها بغير حساب..
ولا شكَّ أنك تريد نجاة من النار وعذابها..
ألا تخاف من ذنوب وآثام قد تحملها على ظهرك في ذلك اليوم؟
ألم تقرأ قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}[طه: 111]؟
ألا تشعر أن فرصتك الأخيرة لتُخَفِّف هذا الحِمْل على وشك الانقضاء؟!
ألا تشعر بضعف موقفك، وقلَّة حيلتك، فتُريد شافعًا لك في ذلك اليوم؟
فمَنْ تُريد مِنَ الشافعين؟!
فلتطلب في صلاتك الأخيرة مَنْ تُريد!
أتُريد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
إنه صاحب المقام المحمود، وهو قريب من ربِّه، حبيب له، ولو شفع لك فلن يردَّ الله له شفاعته، فلتلهج بالدعاء في صلاتك الأخيرة أن يكون هذا النبي الكريم شافعًا لك..
ومَن تُريد -أيضًا- من الشافعين؟
ادعُ الله الآن في فرصتك الأخيرة بمَنْ تُريد..
لو كنتَ تُريد القرآن شافعًا أو الصيام..
لو كنتَ تُريد ملائكة الرحمن والمسبِّحين حول العرش..
اطلب ما تريد..
ولو لم تطلب الآن في صلاتك الأخيرة، فمتى ستطلب إذًا؟!!
إن الأمر جِدٌّ لا هزل فيه..
وغفلة الناس حماقة، فلا تكونن من الغافلين..
فاحزم حقائبك أيها المودِّع..
قد اقترب السفر..
فلا تخرجنَّ إليه بغير زاد!
فما فعل ذلك أحد إلا هلك!
فإياك أن تكون من الهالكين!!
ولنختم هذا الفصل وفي آذاننا كلمات نبينا صلى الله عليه وسلم:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ مَلَكَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ: اضْرِبْ مَثَلَ هَذَا وَمَثَلَ أُمَّتِهِ. فَقَالَ:
إِنَّ مَثَلَهُ وَمَثَلَ أُمَّتِهِ كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ انْتَهَوْا إِلَى رَأْسِ مَفَازَةٍ[25]..
فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الزَّادِ مَا يَقْطَعُونَ بِهِ المَفَازَةَ، وَلَا مَا يَرْجِعُونَ بِهِ!
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ رَجُلٌ فِي حُلَّةٍ حِبَرَةٍ[26]..
فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ وَرَدْتُ بِكُمْ رِيَاضًا مُعْشِبَةً، وَحِيَاضًا رِوَاءً، أَتَتَّبِعُونِي؟
فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِمْ، فَأَوْرَدَهُمْ رِيَاضًا مُعْشِبَةً، وَحِيَاضًا رُوَاءً، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَمِنُوا..
فَقَالَ لَهُمْ: أَلَمْ أَلْقَكُمْ عَلَى تِلْكَ الحَالِ فَجَعَلْتُمْ لِي إِنْ وَرَدْتُ بِكُمْ رِيَاضًا مُعْشِبَةً وَحِيَاضًا رُوَاءً أَنْ تَتَّبِعُونِي؟
فَقَالُوا: بَلَى.
قَالَ: فَإِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ رِيَاضًا أَعْشَبَ مِنْ هَذِهِ، وَحِيَاضًا هِيَ أَرْوَى مِنْ هَذِهِ، فَاتَّبِعُونِي..
قَالَ:
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ صَدَقَ وَاللهِ لَنَتَّبِعَنَّهُ..
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَدْ رَضِينَا بِهَذَا نُقِيمُ عَلَيْهِ[27]»[28]!!!
فانظر يا أيها المودِّع مِنْ أي الطائفتين أنت!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، (3989).
[2] مثال ذلك ركعتا سنة الوضوء، وقد بدأهما بلال رضي الله عنه كما مرَّ بنا في صفحات هذا الكتاب، ولم يكن يفعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه أقرَّه عليهما؛ بل مدحه وأثنى عليه، فصارت بذلك سُنَّةً لكل المسلمين إلى يوم الدين، وبالتالي فإن بلالًا رضي اللهعنهع يأخذ أجرًا مساويًا لأجر كلِّ مَنْ يُصَلِّيهما بعد الوضوء إلى آخر الدنيا!
ومثال ذلك -أيضًا- الأذان، فإنه لم يأتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي؛ إنما جاء عن طريق رؤيا رآها عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه، وأقرَّه الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار الأذان بهذه الكيفية سُنَّة تقريرية، ويأخذ عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه أجرًا مساويًا لأجر كلِّ مؤذِّن إلى يوم القيامة!
[3] هاذم اللذات: بمعنى قاطعها، والمراد الموت، وهو إما لأن ذكره يُزْهِد فيها، أو لأنه إذا جاء ما يبقى من لذائذ الدنيا شيئًا. انظر: حاشية السندي على النسائي 4/4.
[4] الترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء في ذكر الموت (2307)، وقال: حديث حسن. والنسائي (1824)، وابن ماجه (4258)، وأحمد (7912)، وابن حبان (2992)، وقال الألباني: حسن صحيح. انظر: صحيح الجامع (1210).
[5] البخاري: كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». (6053).
[6] ابن الجزري: الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح، ص62، وأبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين 2/211.
[7] الترمذي: كتاب الزهد، باب من باب أخذ المال (2377)، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه (4109)، وأحمد (3709)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح. وأبو يعلى (5292)، والحاكم عن ابن عمر ب (7858)، وقال: حديث صحيح على شرط البخاري. وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (438).
[8] ابن المبارك: الزهد 1/10 (30)، وأبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين 4/486.
[9] البيهقي: الزهد الكبير، ص261 (684).
[10] أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 5/177.
[11] أبو داود: كتاب الجنائز، باب في زيارة القبور (3235)، وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع 2/1148.
[12] ابن المعتز: البديع في البديع ص125، وابن خلكان: وفيات الأعيان 2/71، وعَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ, قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «مَا رَأَيْتُ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ مِنْ شَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ مِنْ أَمْرِنَا هَذَا». ابن أبي الدنيا: اليقين ص53، وابن الخراط: العاقبة في ذكر الموت ص92.
[13] انظر: الماوردي: أدب الدنيا والدين ص136.
[14] ابن ماجه: كتاب الزهد، باب الحكمة، (4171)، وأحمد (23545)، وحسنه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة، (401).
[15] أي كأنك ترى الله سبحانه، ومثاله ما جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عندما سُئِل عن الإحسان قال: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام، (50)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله، (8).
[16] الطبراني: المعجم الأوسط (4427)، وابن عساكر: معجم الشيوخ 1/274، واللفظ له، والبيهقي: شعب الإيمان (10060)، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1914).
[17] الديلمي: الفردوس بمأثور الخطاب 1/431، (1755)، وقال السخاوي: وقال شيخنا(ابن حجر): إنه حسن. انظر: السخاوي: المقاصد الحسنة ص226، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة، (1421)، (2839).
[18] عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهو أخوها.
[19] البخاري: كتاب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، (4184).
[20] أبو داود: كتاب الجنائز، باب في التلقين (3116)، والحاكم (1299)، وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع 2/1105.
[21] مسلم: كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، (956)، وأحمد (9025).
[22] الترمذي: كتاب الجنائز، باب عذاب القبر (1071)، وقال: حديث حسن. وابن حبان (3117) واللفظ له، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده قوي. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1391).
[23] البخاري: كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، (1306)، واللفظ له، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التعوذ من عذاب القبر، (584).
[24] الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة إذا الشمس كورت (3333)، وقال: حديث حسن. وأحمد (4806)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. والحاكم (8719)، وقال: حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين ورجالهما ثقات. انظر: مجمع الزوائد 7/134، وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (1081).
[25] المَفَازَة: البَرِّيَّة القَفْر. والجمْع: المَفَاوِز، سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مُهْلِكَة، مِن فَوَّزَ إِذَا ماتَ. انظر: ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/478.
[26] حِبَرَة: ما كان من البرود (أي كساء) مخططًا، من التحبير وهو التزيين، والحَبِير: هو ثوب مزين مخطط، وقيل: جديد. انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/101، وقال السندي: وتشبيهه صلى الله عليه وسلم بصاحب الحلة واعتباره صاحب حلة لما معه من علامة الصدق في دَعْوَاهُ؛ لأنَّ الحلة في ذلك المحل تشهد بصدقه. انظر: السندي: حاشية مسند الإمام أحمد بن حنبل، 2/477.
[27] معنى المثل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالهدى والنور والخير، فانتقلت به الأمة من الضعف إلى القوة، ومن التبعية إلى السيادة، ومن الذلة إلى العزة، وفُتحت لنا الدنيا، ولم يكن كل ذلك إلا لأننا اتبعناه، ثم بعد ذلك دعانا إلى الجنة ونعيمها، فتحمست طائفة وسارت وراءه، وتكاسلت طائفة ورضيت بالدنيا!
[28] أحمد (2402)، والحاكم (8200)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، والطبراني: المعجم الكبير (12973)، والهيثمي: كشف الأستار عن زوائد البزار 3/131، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني والبزار وإسناده حسن. انظر: مجمع الزوائد 8/260.
◄◄ هذا المقال من كتاب كيف تخشع في صلاتك للدكتور راغب السرجاني
يمكنك شراء الكتاب من خلال صفحة دار أقلام أو الاتصال برقم 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك