التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
بدأت حقبة الانهيار الخفي في الدولة العثمانية في عام 1768م، وعلى الرغم من الجهود الإصلاحية التي بُذلت في هذه الحقبة، إلا إنها كانت جهودًا غير ناجحة.
قرن الانهيار الخفي (شبح الإمبراطورية) (1768-1876م)
على الرغم من الجهود الإصلاحيَّة الكبيرة التي بُذِلَت من معظم السلاطين في هذه الحقبة، فإنها كانت جهودًا غير ناجحة في معظم الأحوال! في قرون الثبات كانت عوامل الضعف مساوية تقريبًا لعوامل القوَّة، ولذلك ظلَّ وضع الدولة ثابتًا، أمَّا الآن فعوامل الضعف أكثر بكثير، كما أن الفجوة بين الدولة العثمانية وأعدائها اتَّسعت بشكلٍ كبيرٍ لصالح الأعداء، فصار الإنقاذ شبه مستحيل.
صارت الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر أشبه «بشبح الإمبراطوريَّة»! بمعنى أننا يمكن أن نرى كيانًا كبيرًا تندرج تحته -على الورق- عدَّة أقطار أو دول، ولكن عند التحقيق تجد أن كلَّ ذلك وهمٌ لا حقيقة له. إنني أعتبر أن الإمبراطورية العثمانية قد انتهت على وجه الحقيقة في أواخر القرن الثامن عشر، وأوائل القرن التاسع عشر، وأن القرن والنصف الأخير في عمرها لم يكن موجودًا إلا لرغبة أعدائها في بقائها لاعتباراتٍ كثيرةٍ، وعليه فليس علينا أن نوجِّه اللوم -كما اعتدنا دومًا- لأولئك الذين عاصروا سقوط «الخلافة» العثمانية في 1924م؛ فهؤلاء فقط شاهدوا الخاتمة، التي لم يكن هناك بُدٌّ من حدوثها، أمَّا أحداث النهاية فقد بدأت منذ الفترة التي نُحلِّلها الآن! لقد أَطْلَقْتُ على هذه الحقبة اسمَ «الانهيار الخفي» لأن الدولة كانت منهارةً فعلًا، لكن لم يلحظ ذلك المعاصرون، بل لا يزال بعض المؤرِّخين في زماننا لا يلحظ ذلك! ولذلك أَطْلَقْتُ عليها صفة «الخفي»، أمَّا الحقبة التي ستليها فستكون حقبة «الانهيار الجلي»؛ حيث تسقط الدولة بوضوحٍ أمام الجميع.
إننا يمكن من أجل الاستيعاب الجيِّد أن ندرس مقدِّمةً لهذا القرن تحت أربعة عناوين؛ الأوضاع الداخليَّة في الدولة العثمانية، وأعداء الدولة العثمانية، وأصدقاء الدولة العثمانية، ثم بعض الأحداث العالميَّة المهمَّة التي كان لها تأثيرٌ بصورةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ على الدولة العثمانية.
***
الأوضاع الداخلية في الدولة العثمانية
ليست الأمراض التي ظهرت على السطح الآن وليدة اللحظة؛ إنما هي تراكمات سنين. يمكن القول إن جذور هذه الأمراض تعود إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر؛ أي منذ مائتي سنةٍ تقريبًا، ولكن كان المصلحون، من السلاطين، والصدور العظام، والوزراء، والعلماء، يعملون على تلافي النتائج الخطرة لهذه الأمراض على مدار السنين، ومع ذلك لم يكن هناك علاجٌ جذريٌّ لها، ولذا فمن الطبيعي أن يأتي وقتٌ لا يصلح فيه العلاج، وتُصبح المسألة لا تزيد على بعض «المسكِّنات» التي يتعايش بها المريض مع ألمه إلى أجل! يمكن أن نفهم أبعاد هذه الأمراض من خلال البنود التالية:
أولًا: ضعف الكوادر القيادية (السلاطين، والصدور العظام، والوزراء، والعلماء):
عانت الدولة العثمانية في قرونها الأخيرة من غياب الكوادر القياديَّة المتميِّزة[1]. نعم يظهر كلَّ جيل، أو عدَّة أجيال، بعضُ الرجال «الجيِّدين» الذين يقودون الدولة بحكمةٍ ومهارة، لكنهم يكونون دومًا من نوعيَّة «حكومات الإنقاذ»، وهي الحكومة المؤقَّتة التي تأتي لفترةٍ لحلِّ أزمةٍ معيَّنةٍ ثم تنقضي! لم يقم واحدٌ من هؤلاء على وجه الحقيقة بتغييرٍ جذريٍّ في نظام الدولة يمكن أن يرتقي بها ارتقاءً مستمرًّا. من الواضح أن هذه المشكلة المزمنة في الدولة تعود إلى عوامل تربويَّة تعليميَّة في الأساس.
لم تكن هناك برامج واضحة لإعداد القادة، خاصَّةً مع حالة التخلُّف العلمي التي تعيشها الدولة. أسهم في ذلك -أيضًا- -بالنسبة إلى السلاطين- العادة العثمانيَّة القبيحة التي تقضي بحبس ولاة العهد -بل وكل المؤهَّلين للحكم- في قصورٍ ملكيَّةٍ إلى أن يشاء الله! ثم إذا مات السلطان، أو خُلِع، يأتون بهذا الحبيس، الذي لا يدري عن أحوال مدينته -فضلًا عن إمبراطوريَّته- شيئًا، فيحكم هذه البلاد الشاسعة، مع كلِّ المتغيِّرات العالميَّة الصاخبة التي تحدث حوله! إذا أخذنا في الاعتبار -أيضًا- أننا نتحدَّث عن دولةٍ مَلَكيَّة، غير برلمانيَّة، لا يعلو فيها صوتٌ فوق صوت السلطان، أو النائب عنه، فإننا نفهم حجم المشكلة! إن كارثةً عظمى يمكن أن تحدث فجأة نتيجة رأيٍ مخطئٍ اختاره السلطان أو صدره الأعظم!
في هذه الحقبة كان السلاطين في المجمل «جيِّدين»، بل كان بعضهم، وتحديدًا محمود الثاني، ثم سليم الثالث، «ممتازين»، لكن يظلُّ الأمر نسبيًّا في كلِّ الأحوال. إننا نقارن هؤلاء بالسلاطين في العصور المتأخِّرة فيظهر فَضْلُهم، أمَّا المقارنة بسلاطين القرون الثلاثة الأولى فتُظْهِر الفارقَ الجليَّ بسرعة. -أيضًا- يؤخذ في الاعتبار أن المنظومة العثمانية الآن صارت هشَّةً للغاية، وهذا يُحطِّم كلَّ جهدٍ يقوم به أيُّ مُصلحٍ، ويُظْهِر هذا المصلِح في صورة الضعيف قليل الحيلة، أمَّا المنظومة العثمانية في القرون الأولى فكانت قويَّةً للغاية، وهذه على العكس، تأخذ بيد القائد أو السلطان ولو كان ضعيفًا، فلا يلحظ المراقبون مثل هذا الضعف، بل قد ينسبون إليه نجاحاتٍ كثيرةً لم يكن له يدٌ فيها.
بدأت هذه الحقبة -حقبة «الانهيار الخفي»- في عام 1768م، وكانت السنوات الخمس الأولى فيها -أي إلى عام 1773م- هي آخر عهد السلطان مصطفى الثالث، ثم سيأتي بعده السلطان عبد الحميد الأول فيحكم ستَّة عشر عامًا، من 1773م إلى 1789م، وكان صاحب ميولٍ إصلاحيَّةٍ كسلفه مصطفى الثالث، ولكنه لم يكن متمكِّنًا.
في عام 1789م يتولى السلطنة رجلٌ قدير، وهو من أفضل السلاطين في النصف الثاني من عمر الدولة العثمانية، وهو سليم الثالث، والذي سيحكم ثمانية عشر عامًا إلى عام 1807م. شهد عصره أحداثًا جسامًا، لكنه بذل ما في وسعه وزيادة، ومع ذلك كانت نهايته مأسويَّةً.
يأتي بعد السلطان سليم الثالث سلطان غير كفؤٍ لم يتولَّ إلا عامًا واحدًا هو مصطفى الرابع، ثم يأتي أفضل سلاطين هذه الحقبة، وهو محمود الثاني، والذي يحكم إحدى وثلاثين سنةً كاملة، من 1808م إلى 1839م، وكانت له جهودٌ عظيمةٌ للإصلاح، ويمتلك الجرأة والكفاءة، ولكن كان المعارضون لعمله أكثر بكثيرٍ من المؤيِّدين، فلم يُحقِّق النجاح المرجوَّ. أخيرًا تُخْتم هذه الحقبة باثنين من أولاد محمود الثاني، هما السلطان عبد المجيد الأول (من 1839 إلى 1861م)، والسلطان عبد العزيز (من 1861 إلى 1876م)، وهما من السلاطين المصلحين، وإن كانوا ضعيفي الكفاءة.
لم يظهر في هذه الحقبة صدور عظام، أو وزراء، أو علماء، على مستوًى متميِّزٍ يمكن أن يُتَذَكَّر تاريخيًّا، وقد يرجع ذلك إلى بروز دور السلطان مرَّةً أخرى في هذه الحقبة، فتنزوي بالتبعيَّة الأسماء الأخرى، ولا يكتب التاريخ هنا إلا عن القائد «الأوحد» للدولة! هذا بلا شَكٍّ ضعفٌ في الرؤية، وسطحيَّةٌ في التحليل، لكن هذا للأسف في حدِّ ذاته أحد أمراض الأمَّة، والذي يُتجاهل فيه كلُّ أعمال المصلحين، ولا يرى الجميع إلا السلطان، وهذا في الواقع مُحْبِطٌ للطاقات، ومؤذٍ للأمَّة، بل قد يُحوِّل السلطانَ -على الرغم منه أحيانًا- إلى دكتاتور طاغية لا يرى الخير إلا فيما يختار!
ثانيًا: الإدارة السيئة:
عانت الإدارة العثمانية في القرون الثلاثة الأخيرة من عمر الدولة من نقص الكفاءة والأمانة معًا! كانت النظم القديمة التي وضعها السلطان الفاتح ومَنْ قَبله، وأتمَّها ونسَّقها السلطان القانوني، ناجحةً تمامًا في زمانها، بل ولعدَّة عقودٍ بعدها، لكنَّ الأمور تغيَّرت مع الوقت. لم تُحدَّث هذه النظم والقوانين مع تغيُّر الظروف والأحوال في الدولة العثمانية والدنيا بشكلٍ عام. صارت هذه النظم بالية، وتحتاج إلى تحديثٍ جذري، خاصَّةً أن العالم كان يخطو في هذا السبيل بخطواتٍ متسارعةٍ جدًّا. يُضاف إلى هذا الضعف الإداري انتشارُ الفساد في كلِّ أنظمة الدولة، حتى صار شراء المناصب، والوساطة، والمحسوبيَّة، والرِّشوة، والإهمال، والاختلاس، كلُّ ذلك هو الأصل في المعاملات[2].
يقول المؤرِّخ الأميركي بيتر شوجر، وهو يقارن بين حال الدولة العثمانية في أول القرن التاسع عشر وحالها في آخر القرن السادس عشر: «لقد كان تضعضع القدرة العثمانية على الحكم هو الذي جعل من الأوضاع عام 1804م تختلف اختلافًا جذريًّا عن أوضاع 1574م؛ ففي خلال هذه الفترة التي تزيد على قرنين من الزمان تحوَّلت الدولة العثمانية من دولةٍ قويَّةٍ منظمةٍ تنظيمًا جيِّدًا إلى دولةٍ تحكمها الفوضى، وتخضع الأقاليم فيها إلى شرائعها وتقاليدها وأعرافها المحليَّة أكثر من خضوعها للقوانين والمراسيم التي تصدرها الحكومة العثمانية؛ وفي عام 1804م كان حجم الإمبراطورية العثمانية هو المظهر الرائع الوحيد لها؛ ولم يكن أحدٌ يعرف، ولا حتى رعاياها، كيف تُدار أمور الدولة»[3]! إن هذا الوصف هو وصفٌ لشبح إمبراطوريَّة! الحجم كبيرٌ جدًّا لكنَّ القوَّة هزيلةٌ تمامًا! في الواقع هذا يُنبئ عن أمراضٍ أخلاقيَّة وشرعيَّة عميقة في المجتمع، كما يُنبئ عن ضعفٍ في الرقابة، وعدم وجود صرامةٍ قانونيَّةٍ وقضائيَّةٍ تحفظ حقوق الناس، وتسعى لحفظ الدولة.
في حقبة الانهيار الخفي حاول السلاطين تدارك هذه الأزمة الكبرى، أزمة الإدارة السيِّئة؛ بشقَّيها التنظيمي والأخلاقي. كانت هناك محاولاتٌ خجولةٌ للإصلاح في عهد عبد الحميد الأول، ثم زادت وتيرة الإصلاح نسبيًّا في عهد سليم الثالث، ثم وصلت إلى قمَّتها في عهد محمود الثاني، واستمرَّ الإصلاح بعدهم في عهدي عبد المجيد الأول، وعبد العزيز. ولكن مع كلِّ هذه الجهود الإصلاحيَّة إلا أن الأمر كان فاسدًا إلى درجةٍ لا تستجيب بقوَّةٍ إلى هذه الجهود، ومِنْ ثَمَّ كانت النتيجة هي «إطالة» عمر الدولة لقرنٍ جديدٍ من الزمن، ولكن دون إعطائها الحيويَّة الكاملة التي تُمكِّنها من الصحوة الحقيقيَّة.
ثالثًا: ضعف الجيش:
تعتمد الدولة العثمانية في وجودها في أوروبا في الأساس على جيشها القوي. إن الأعداء يحيطون بها من كلِّ جانب، وهي بالنسبة إلى الأوروبيين جسمٌ غريبٌ لا بُدَّ من لفظه. إنها جسمٌ غريبٌ بدينها الإسلامي الذي تتمسَّك به، وبأعراقها الآسيويَّة المختلفة تمامًا عن أعراق الأوروبيين، وبعاداتها وتقاليدها الفريدة، وبتاريخها المعادي لأوروبا في كلِّ لحظةٍ من لحظاته. الذي كان يمنع الأوروبيين من القيام بحملةٍ جماعيَّةٍ يُخرِجون فيها العثمانيين من القارَّة هو خوفهم الشديد من جيش الدولة العثمانية القاهر، وكانوا إذا راودتهم الوساوس لفعل ذلك تلقوا الهزيمة تلو الأخرى، ولم ينسَ الأوروبيون نِيكوبُوليس، أو كُوسُوڤو، أو ڤَارْنَا، أو معارك الفاتح أو القانوني.
ثم تبيَّن للأوروبيين بعد هزيمة العثمانيين في ڤيينَّا عام 1683م أن جيشهم لم يعد بالقوَّة التي كان عليها، ومع ذلك ظلوا متردِّدين في حروبهم مع الدولة العثمانية لمدَّة قرنٍ كامل، فكانت حروبهم في القرن الثامن عشر محدودة، وكانت يومًا لهم ويومًا عليهم. الآن، في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، أدرك الأوروبيون أن الفجوة بين قوَّة جيوشهم والجيش العثماني صارت كبيرة. صار الفارق كبيرًا في التسليح، وطرق القتال، كما صار كبيرًا كذلك في طبيعة الجنود، وطرق تدريبهم، وفي انتظامهم، وسلاسة قيادتهم[4]. نعم تظلُّ الدولة العثمانية قادرةً على جمع أعدادٍ كبيرةٍ من الجنود تفوق الجيوش الأوروبية أحيانًا، لكن ماذا تفعل هذه الأعداد الغفيرة أمام المدافع والبنادق الحديثة، خاصَّةً إذا كانت قد فقدت شدَّة إقبالها، وقوَّة إيمانها، وذلك للضعف الأخلاقي والإيماني الذي أصاب المجتمع ككل.
أسوأ ما في الجيش العثماني كانت فرقة الإنكشارية! هذه الفرقة التي كانت قديمًا سببًا في انتصارات خالدة للعثمانيين، تحوَّلت إلى شوكةٍ كبيرةٍ في خصر الدولة. صار بأس هذه الفرقة متَّجهًا إلى تحقيق مصالحها الشخصية على حساب مصالح الدولة والشعب. لم يعد همهم إلا جمع المال، وترسيخ سلطتهم في كلِّ أرجاء الدولة. وبسبب ضعف السلاطين في القرنين السابع عشر والثامن عشر لم يعد هناك ضابطٌ لقوَّة هؤلاء المنفلتين. -أيضًا- أدَّت قلَّة الحروب والانتصارات إلى ضعف مواردهم من الغنائم والأعطيات، فاتجهوا إلى فرض الإتاوات، وتحصيل المال عن طريق المشاركة الإجباريَّة في المشاريع والمهن. تزايدت خطورتهم عندما أدركوا أنهم يمكن لهم خلع السلطان، أو قتل الصدر الأعظم، أو الوزراء والعلماء، دون أن يقوى أحدٌ على ردعهم. أيُّ رادعٍ يمكن أن يُخيف هؤلاء المسلَّحين الذين لا يتَّصفون بخُلُقٍ ولا دين؟!
ثم إن من أسوأ صفات الإنكشارية في هذه الحقبة التاريخيَّة رفضَهم التام للإصلاح أو التطوير[5]. إن أيَّ محاولة تطويرٍ يقوم بها سلطان، أو وزير، يُفْهَم منها مباشرةً السعي إلى تغيير الإنكشارية، أو إقصائهم عن مراكزهم المؤثِّرة، ولذلك كانوا يقفون لكلِّ هذه المحاولات بالمرصاد، فلم يعد هناك أملٌ في ظلِّ وجودهم في التقدُّم للأمام قط، خاصَّةً مع كثرة أعدادهم، وانتشارهم في ربوع الدولة.
رفع الخبير العسكري الفرنسي فرانسوا دي توت François de Tott -الذي كان يُساعد الجيش العثماني في حربه ضدَّ الروس- تقريرًا يصف فيه حال قيادات الأسطول العثماني، وكان ممَّا قاله في تقريره: «إن عمليَّة التجهيزات العسكريَّة للسفن تقع في أيدي رجالٍ جاهلين لا يُدركون شيئًا! إن من حقِّ القائد الأعلى للبحريَّة العثمانية تعيين الأشخاص في المناصب القياديَّة في السفن لمن يدفع أكثر، وهؤلاء مُنِحُوا حقَّ إجراء المزادات على الوظائف التابعة لهم»[6]!
لا شَكَّ أن أعداء الدولة العثمانية كانوا يقرءون بعنايةٍ الانحدارَ السريع الذي أصاب الجيش العثماني، وسوف يكون لهذه القراءة أكبر الأثر على مستقبل الدولة.
رابعًا: ازدياد التخلف العلمي:
هذه -أيضًا- كانت مشكلةً مزمنةً في الدولة العثمانية، وقد أشرنا إليها كثيرًا قبل ذلك. لم تكن الدولة العثمانية مهتمَّةً بالمسائل العلميَّة في كلِّ مراحل تاريخها، باستثناء عهد محمد الفاتح، وإلى حدٍّ ما في عهد سليمان القانوني. كان هذا التخلف العلمي يُؤثِّر سلبًا على إنجازات الدولة، لكن لأن العلوم -في القرون الأولى للدولة العثمانية- لم تكن متقدِّمةً بالشكل الكافي في العالم أجمع، فإن الأمر لم يكن مؤثِّرًا بشكلٍ كبير. الآن، في أخريات القرن الثامن عشر، وفي خلال القرن التاسع عشر، تقدَّمت العلوم في أوروبا الغربيَّة وأميركا الناشئة، بشكلٍ مذهل، واجتهدت روسيا في نقل هذه العلوم الغربيَّة إلى أنظمتها فتقدَّمت هي الأخرى جدًّا، بينما ظلَّت الدولة العثمانية بعيدةً عن الصورة؛ حيث لم يكن العلم -للأسف- في بؤرة اهتمامها أصلًا!
في أواخر القرن الثامن عشر، وفي كلِّ القرن التاسع عشر، لم تكن تمرُّ سنةٌ إلا ويُقَدِّم الغربيون اختراعًا جديدًا ينقلهم إلى الأمام نقلةً نوعيَّة، وظهر لأوَّل مرَّةٍ مصطلح «عالِم» scientist كوظيفةٍ متخصِّصةٍ يقوم بها أعدادٌ كبيرةٌ من الأكاديميِّين، والجامعيِّين، و-أيضًا- من العاملين في القطاعات الخاصَّة. قدَّمت أوروبا وأميركا للعالم في القرن التاسع عشر أوَّل سيارةٍ بخاريَّة، وأوَّل موتور كهربي، وأوَّل محرِّك احتراق داخلي، والتلغراف، وأقنعة الغاز، وأوَّل جهازٍ لتكرير البترول، وأوَّل جهاز تسجيل صوت، وأوَّل كاميرا، والديناميت، وأوَّل آلة كاتبة، وأوَّل هاتف، وأوَّل مصباح كهربائي، وأوَّل مدفعٍ آلي، وأوَّل ماكينة خياطة كهربائيَّة، وأوَّل سُلَّم كهربائي، وأوَّل مصعد كهربائي، وأوَّل محراث زراعي بخاري، ثم بالجاز، كما شهدت أوروبا أوَّل فصلٍ للعناصر؛ حيث فُصِل الصوديوم، والبوتاسيوم، والألومنيوم في هذا القرن، وقدَّم مندلييف Mendeleev الروسي جدول العناصر، وتعرَّف العلماء على قوانين الوراثة، وعلى التشريح الدقيق لجسم الإنسان، وعلى الأشعة، وعلى العناصر المشعَّة، وعلى الموجات الكهرومغناطيسيَّة، وافتَتَحت لندن أوَّل مترو تحت الأرض، وسُيِّر أوَّل قطارٍ للجمهور في بريطانيا عام 1825م، وفُصِل المورفين للمرَّة الأولى في التاريخ، وقدَّم علماء الطب عددًا كبيرًا من الأدوية، منها الأسبرين، وأدوية الكينين لعلاج الملاريا التي أسهمت في تمكين الأوروبيين من غزو إفريقيا الموبوءة بهذا المرض، واكتُشفت بكتريا الدرن، وهو المرض الذي قتل ربع سكان أوروبا في القرن التاسع عشر، وتطوَّرت الفيزياء، والكيمياء، والرياضيَّات، والهندسة، تطوُّرًا مذهلًا، واكتُشفت أقمار المريخ، واكتُشف الإلكترون، واختُرعت في بريطانيا طريقة بسمر لإنتاج الصلب على نطاقٍ واسع، وقدَّمت بريطانيا كذلك أوَّل محطَّة توليد كهربي، وعرف العالم عن طريق أميركا أجهزة التيار المتردِّد الكهربيَّة.
إنها ثورةٌ علميَّةٌ حقيقيَّة!
يمكن مراجعة التفاصيل الشيِّقة لهذه الاختراعات المذهلة في عددٍ من الكتب الممتعة التي أُلِّفت خصيصًا في هذا المجال، منها كتاب «الاكتشافات والاختراعات في القرن التاسع عشر» للمؤلِّف الإنجليزي روبرت راوتلدچ Robert Routledge[7]، وكتاب «اختراعات القرن التاسع عشر» للمؤلِّف الهولندي الإنجليزي استيفين ڤـان دولكن Stephen van Dulken[8] وكتاب «تقدُّم الاختراعات في القرن التاسع عشر» للمؤلِّف الأميركي إدوارد بيرن Edward Byrn[9].
وإنَّني أريد من القارئ أن يقف برهةً مع كلِّ اختراعٍ من الاختراعات السابقة ليتخيَّل حجم التطبيقات الحياتيَّة، والاجتماعيَّة، والعسكريَّة، والاقتصاديَّة، لكلِّ واحدٍ منها؛ ليتخيَّل مدى الفارق بين من يمتلك هذه الأجهزة ويُطوِّرها، ومن لا يعلم عنها شيئًا إلا بعد مرور عدَّة عقود! مع العلم أن ما ذكرناه هو مجرَّد أمثلة، كما أن التفاصيل التخصُّصيَّة تكشف عن تطوُّرٍ علميٍّ مذهل. وما قلناه عن تقدُّم أوروبا في هذه العلوم المادِّيَّة نقوله كذلك عن تقدُّمهم في العلوم الإنسانيَّة والفكريَّة؛ كالإدارة، والاقتصاد، والآداب، والفنون، والفلسفة، وتحليل التاريخ، وغير ذلك من علوم.
في ظلِّ هذه الخطوات المتسارعة لم يعد ممكنًا اللحاق بالركب، ولم تَزِد هذه الاختراعاتُ الدولةَ العثمانية إلا إحباطًا، وكان من السهل جدًّا على كلِّ مبعوث مسلم، أو زائر للبلاد الأوروبية، أن يُفْتَن بهذه الحضارة، وأن يعرف أن مقاومة الإنجليز، أو الفرنسيين، أو الألمان، صارت مستحيلة، وأن منتهى آمال المصلحين في العالم الإسلامي أن «يُقَلِّدوا» شيئًا من هذه المظاهر الحضاريَّة. إن هذه الهزيمة النفسيَّة، التي كانت الدولة العثمانية هي السبب فيها بإهمالها للعلم والتعليم، كانت من أكبر عوامل تراجعها، ثم انهيارها لاحقًا.
خامسًا: ضعف الاقتصاد:
كان الاقتصاد العثماني في زمان القوَّة وكذلك في زمان الثبات، من أقوى الاقتصادات العالميَّة، وكان المخزون من الذهب والفضة يضمن ثباتًا في قيمة العملة، وانخفاضًا في الأسعار، ورخاءً ملحوظًا في مستوى المعيشة، ولكن مع التدهور الذي أصاب البلاد، ومع الفساد المنتشر، ومع السبق الأوروبي في مجال العلوم، صار الاقتصاد العثماني متخلِّفًا عن غيره في العالم بصورةٍ كبيرة. ولأن الدولة العثمانية كانت غنيَّةً جدًّا بمواردها الكبرى في قرونها الأولى فإن أَثَرَ هذا التخلف الاقتصادي عن العالم لم يظهر حتى آخر القرن الثامن عشر. يقول المؤرخ الفرنسي روبير مانتران Robert Mantran: «في القرن الثامن عشر لم تكن هناك أزمةٌ اقتصاديَّةٌ في داخل الإمبراطورية العثمانية؛ إلا أن هناك في الواقع تمايزًا ملحوظًا باطِّرادٍ بين اقتصادات التصدير الغربيَّة والعثمانية، وهو يقود إلى ضغطٍ متعاظمٍ باطِّرادٍ من جانب الأوَّل على الأخير؛ فالصناعات الوحيدة القائمة تخصُّ الدولة ولا تنتج غير منتجاتٍ غير مربحة، والصناعات المحلِّيَّة في أيدي الحرفيِّين إنما تعمل من أجل السوق الداخليَّة بشكلٍ شبه وحيد»[10]. هذا الوضع الذي وصفه مانتران في القرن الثامن عشر كان لا بُدَّ أن يتطوَّر إلى الأسوأ في القرن التاسع عشر، خاصَّةً مع عقم وسائل الإصلاح، وعدم أخذها بأسباب العلم الحديث.
بعد الهزائم العسكريَّة التي تعرَّض لها الجيش العثماني في آخر القرن الثامن عشر، وفي أوائل القرن التاسع عشر، عرفت الدولة العثمانية الديون للمرَّة الأولى في تاريخها، وذلك في عام 1854[11]. كانت هذه هي البداية، وتوالت بعد ذلك الديون، والدولة التي لا تملك ما يكفي احتياجات شعبها لا يمكنها أن تدافع عن نفسها، ولا أن تملك قراراها!
سادسًا: الانهيار الداخلي:
كان التماسك المجتمعي وقوَّة البناء الداخلي، أحد أبرز السمات المميِّزة للدولة العثمانية في عصور القوَّة، وكذلك في عهد الثبات الأوَّل. بدأ هذا التماسك يتصدَّع في عهد الثبات النسبي، وكانت أبرز سمات هذا التصدُّع خروج معظم الدول العربيَّة -أو كلِّها- من السيطرة المركزيَّة للحكومة العثمانية.
الجديد في هذه الحقبة هو أن هذا التصدُّع بدأ يُصيب أقاليم البلقان أيضًا! لقد بدأت هذه الأقطار في التوتُّر بعد أن عاشت «ساكنةً» عدَّة قرونٍ في ظلِّ السلام العثماني المعروف. سنرى في هذا القرن الاضطرابات والثورات تجتاح البلقان العثماني كلَّه للتخلُّص من حكم العثمانيين. سنرى هذه الثورات في صربيا، واليونان، والجبل الأسود، ومقدونيا، وبلغاريا، بل سنراها في البلاد ذات الأغلبيَّة المسلمة كالبوسنة، والهرسك، وألبانيا. ترجع أسباب هذه الثورات لأمورٍ عديدةٍ يُمكن اختصارها في ثلاثة؛ أولها تنامي روح «القوميَّة» بعد الثورة الفرنسية، التي قامت في عام 1789م.
بعد هذه الثورة انتشرت روح القوميَّة في أوروبا كلِّها والعالم، وصار كلُّ قُطرٍ أوروبيٍّ -وكذلك الأقطار العربيَّة- في داخل الدولة العثمانية يبحث عن كينونته القوميَّة بصرف النظر عن مسألة الدين، وهذا ما يُفسِّر ثورات البوسنة وألبانيا. والواقع أن تفسير كلِّ قُطرٍ لمسألة القوميَّة كان مختلفًا؛ فبعضهم يُرْجِعها إلى العِرق الواحد، وبعضهم يعتمد على اللغة، وفريقٌ ثالثٌ ينظر إلى الواقع الجغرافي، ولكن في النهاية يسعى الجميع إلى «التحرُّر» من القبضة العثمانية، ويشمل هذا الأقطار النصرانية كصربيا، واليونان، والجبل الأسود، والأقطار المسلمة الأوروبية كالبوسنة، وألبانيا، وكوسوڤو، والأقطار المسلمة العربية كمصر، وتونس، والعراق، والشام، وغيرها.
أمَّا ثاني الأمور التي دعمت تفكُّك البلقان فهو التدخل الروسي المطَّرِد في شئون هذه الأقطار، والدعم المستمر المقدَّم للشعوب، وحركات التحرُّر، من أجل الخروج من حكم العثمانيين. ظهر هذا بوضوحٍ في آخر القرن الثامن عشر بعد الانتصارات الروسيَّة على الدولة العثمانية. ستدعم الدولُ الأوروبية الأخرى كبريطانيا وفرنسا -أيضًا- حركاتِ التحرُّر، ولكن بصورةٍ أقلَّ من روسيا.
أمَّا الأمر الثالث والأخير فهو سوء الإدارة العثمانية الذي لم تعد الشعوب تتقبَّله في هذه المرحلة التاريخيَّة، وخاصَّةً بعد انفتاح أوروبا الشرقيَّة على قرينتها الغربيَّة، وملاحظة الفارق المذهل بين مستوى المعيشة في جانبي القارَّة! كان الوضع الاقتصادي، والأمان المجتمعي، والمدارس، والمستشفيات، والطرق، ووسائل النقل، وعمليَّات التجارة، وطرق الزراعة، كلُّ ذلك كان متخلِّفًا بدرجةٍ كبيرةٍ عن الغرب الأوروبي، وأرجعت الشعوب هذا التخلف للإدارة العثمانية، وهي في الواقع محقَّةٌ في ذلك؛ فليس من عذرٍ للعثمانيين في هذا التخلف مع كثرة الإمكانات، وتوفُّر الطاقات، خاصَّةً أن حجَّة الحروب المتكرِّرة لم تعد صحيحة؛ لأن القرنين السابع عشر والثامن عشر، كانا هادئين بشكلٍ عام، لانشغال أوروبا بنفسها في حروبها الطاحنة.
كانت الشعوب الأوروبية، وكذلك العربية، تشعر في هذه المرحلة التاريخيَّة، أن بداية لحاقها بالركب العالمي وبداية رفاهيَّتها ورخائها، ستكون بالتخلُّص من ارتباطها بالدولة العثمانية، وهذا ما أشعل الثورات في كلِّ مكان، وزاد من الأمر الظلمُ الذي أوقعه ضبَّاط الإنكشاريَّة المنفلتين على الناس، وكان ظلمهم يُصيب النصارى والمسلمين على حدٍّ سواء. يقول المؤرِّخ الفرنسي رولان موسنيه Roland Mousnier: «كان الباشوات يستقلُّون، ويُلْزِمون الضرائب، ويجمعون ثرواتٍ طائلة، وكان الضبَّاط يتصرَّفون كذلك تصرُّف الأسياد المستقلِّين، وكان ملتزمو الضرائب والجنود يسلبون المسيحيِّين والمسلمين على السواء بعلم وموافقة الباشاوات، فكانت الجزيرة العربيَّة وسوريا ومصر وتونس والجزائر خارجةً عمليًّا عن سلطة السلطان»[12].
هذا التصدُّع الداخلي -في رأيي- كان أخطر أمراض الدولة العثمانية، ولا يُرْجَى معه علاج؛ لأنه يقود إلى فقد الانتماء للدولة، وغياب الانتماء يدفع أهل البلد إلى معاونة الغريب على اقتحامها، ويكشف له عوراتها، ويقتل كلَّ محاولة إصلاح؛ لأن الإصلاح في نظر الشعوب ساعتها سيدعم بقاءها في ظلِّ قبضة الحكومة التي يرغبون في الفكاك منها! إنها دائرةٌ مغلقةٌ لا بُدَّ أن تقود إلى الانهيار، ومن هنا جاءت تسمية هذه الحقبة بالانهيار الخفي تمهيدًا للوصول إلى الانهيار الجلي بعد ذلك. قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140]!
كانت هذه هي أحوال الدولة العثمانية في هذه المرحلة، وما ذكرناه في السطور السابقة يُفسِّر السقوط بعد ذلك، وهي عواملُ سقوطٍ عامَّةٌ تُحْدِث الانهيار في أيِّ أمَّةٍ أُصيبت بها؛ فهي سُنَّةٌ من سنن الله تعالى. قال سبحانه: ﴿سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾ [الفتح: 23][13].
[1] مانتران، 1993 (ج) صفحة 1/435.
[2] مانتران، روبير: الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر: الضغط الأوروبي، ضمن كتاب: مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة–باريس، الطبعة الأولى، 1993م (ج). صفحة 1/434.
[3] شوجر، بيتر: أوروبا العثمانية 1354 – 1804، ترجمة: عاصم الدسوقي، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1998م. صفحة 231.
[4] كينروس، چون باتريك: القرون العثمانية قيام وسقوط الإمبراطورية التركية، ترجمة وتعليق: ناهد إبراهيم دسوقي، منشأة المعارف، الإسكندرية-مصر، 2002م. 400، 401.
[5] مانتران، روبير: بدايات المسألة الشرقية (1839-1774)، ضمن كتاب: مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة–باريس، الطبعة الأولى، 1993م (د). صفحة 2/22، 23.
[6] كينروس، چون باتريك: القرون العثمانية قيام وسقوط الإمبراطورية التركية، ترجمة وتعليق: ناهد إبراهيم دسوقي، منشأة المعارف، الإسكندرية-مصر، 2002م.صفحة 450.
[7] Routledge, 2018.
[8] Dulken, Stephen van: Inventing the 19th Century: 100 Inventions that Shaped the Victorian Age, From Aspirin to the Zeppelin, New York University Press, New York, USA, 2006..
[9] Byrn, Edward W.: The Progress of Invention in the Nineteenth Century, Good Press, 2019..
[10] مانتران، 1993 (ج) الصفحات 1/435، 436.
[11] لابيدس، أيرا م.: تاريخ المجتمعات الإسلامية، ترجمة: فاضل جكتر، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 2011م. صفحة 2/823.
[12] موسنيه، رولان؛ ولابروس، أرنست: تاريخ الحضارات العام «القرن الثامن عشر»، إشراف: موريس كروزيه، ترجمة: يوسف أسعد داغر، فريد م. داغر، منشورات عويدات، بيروت-باريس، الطبعة الثانية، 1987م. صفحة 5/212.
[13] كتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 875- 886.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك