التاريخ الإسلامي

قبيلة بني أمية من القبائل المهمة جدًّا في قريش، وقد أخذ المتمردون ومن شايعهم، على عثمان بن عفان رضي الله عنه توليته لأربعة من الأمويين في فترة حكمه، مع العلم أن عدد ولاته كان 31 واليًا.

 أما الأربعة هم: معاوية بن أبي سفيان، وسعيد بن العاص، والوليد بن عقبة، وعبد الله بن عامر، وقد كان الأمويون الولاة في كل تاريخ عثمان يمثِّلون 13 % فقط من الولاة على مدار 12 سنة! هل كان يمكن له تجاهل بني أمية لأنه من بني أمية؟

أولًا: تاريخ بني أمية في السيادة في مكة والعرب:

كانت سيادة مكة لهاشم بن عبد مناف، وكانت بينه وأخيه عبد شمس عداوة وتنافس، وبعد وفاة هاشم انتقلت السيادة لأخيه المطَّلب بن عبد مناف، ومن بعد وفاة المطَّلب ذهبت رئاسة مكة إلى المنافس حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
بعد موت حرب بن أمية لم تجتمع قريش على رجل واحد، بل كانت تُحْكَم بمجلس، ومع ذلك فبعد بدر أعطت قريش أبا سفيان رضي الله عنه ولايتها كلَّها بعد الهزيمة، فهذا يعطينا دلالة على أهمية بني أمية عند قريش والعرب.

ثانيًا: الولاة الأمويون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:

اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة من ولاته من بني أمية، على الرغم من قلة الولايات في عهده صلى الله عليه وسلم، بالقياس إلى عهد عثمان رضي الله عنه، فقد كانت الدولة المسلمة مقتصرة على الجزيرة العربية، وليس فيها أي جزء من الشام، أو العراق، أو مصر.

أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم ولاية مكَّة على شرفها وأهميتها وكثرة صناديدها وشيوخها إلى شاب أموي صغير، وهو عتَّاب بن أسيد رضي الله عنه، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وقيل بل كان دون العشرين، وأقرَّه واليًا عليها إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، وولَّى أبا سفيان بن حرب رضي الله عنه على نجران، وولى يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما على تيماء، أيضًا ولَّى أربعة أخوة أمويين من أبناء سعيد بن العاص على ولايات أربع.

فولَّى خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه على صنعاء، وولَّى الحكم بن سعيد بن العاص رضي الله عنه على قُرى عرينة، وهي فدك وغيرها، وولَّى إبان بن سعيد بن العاص رضي الله عنه على مدينة الخط بالبحرين، وولَّى عمرو بن سعيد بن العاص رضي الله عنه على وادي القرى، إن عدد ولاة بني أمية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبة تواجدهم إلى بقية الولاة أعلى من عددهم ونسبتهم في زمن عثمان رضي الله عنه!

كما ولَّى العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه، وهو حليفٌ لبني أمية، على مدينة القطيف بالبحرين، وجعل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على كتابة الوحي، وزوَّج ابنتيه رقية ثم أم كلثوم رضي الله عنهما من أموي، وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحرص على الزواج من بني أمية، فتزوَّج أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما.

هذه الكثافة في الاهتمام ببني أمية لعلها لكبر حجم القبيلة، وكذلك لصرف الاذهان عن الخلاف الذي كان بين هاشم أبي جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمية بن عبد شمس (ابن أخي هاشم)، والذي سبَّب تنافسًا بين القبيلتين على مدار التاريخ القريب في مكة، هذا التنافس موجود، ولا يمكن إنكاره، وإلا فإننا لا نتعامل مع نفوس بشرية.

الولاة الأمويون في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أقرَّ أبو بكر رضي الله عنه ولاته صلى الله عليه وسلم من بني أمية، غير أن أولاد سعيد بن العاص استعفوا من الإمارة، وذكروا عدم رغبتهم فيها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَبِلَ منهم أبو بكر رضي الله عنه، ثم إنه أعطى يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما قيادة ربع جيش الشام.

الولاة الأمويون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

وبعد وفاة أبو بكر جمع عمر بن الخطاب الشام ليزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وولَّى معاوية رضي الله عنه أخاه قيسارية، فلما مات يزيد رضي الله عنه جعل ولاية الشام كلها لمعاوية بن أبي سفيان.

ليس في القدر من الولاة من بني أمية إذن في عهد عثمان رضي الله عنه ما يقدح في اختياره رضي الله عنه لهم، بل أحسبه مُقِلًّا في الاختيار، ولو توسَّع في الاختيار ما ينبغي أن يُلام؛ لأن الأمويين أهل سيادة وشرف، كما أنهم من الفروع كبيرة العدد في قريش، ولو كان من الضروري احترام نِسَبِ التمثيل للقبائل حتى لا تحدث فتنة فإن الاختيار من بني أمية ينبغي أن يكون كثيرًا[1].


[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
 

http://97.105.52.213/ar/artical/3410033/قبيلة-بني-امية-في-عين-الرسول-صلى-الله-عليه-و-سلم